سؤال الإتيقا  في العلاقات الدولية من القانون الكسموسياسي إلى قانون الشعوب

0 29

مجلة الإصباح، العدد السابع 2يوليو 2022

سؤال الإتيقا  في العلاقات الدولية من القانون الكسموسياسي إلى قانون الشعوب :

(ايمانويل كانط وجون رولز)

فاطمة الزهراء مفيد، طالبة باحثة 

معهد الدوحة للدراسات العليا / برنامج الفلسفة السياسية والاجتماعية  ـ الدوحة ـ قطر.

ملخص:

يناقش هذا المقال فكرة القانون الكسموسياسي عند كل من ايمانويل كانط (1724 ـ 1804 ) من خلال  كتابه الموسوم بـ ” مشروع السلام الدائم”  سنة  1775 م الذي ألفه بهدف الدفاع عن هذه الفكرة حيث بلور في مشروعه قانوناً يروم من خلاله إقناع الدول بإنشاء حلف بين الشعوب للقضاء على الحرب وويلاتها، وإقامة علاقات تعاون وثقة واحترام متبادل بينها. وفكرة الانتقال بالقانون المرتبط بالعلاقات الدولية من قانون الدول إلى قانون الشعوب.

الكلمات المفتاحية:

الكسموسياسي، العدالة، الحرية، المساواة.

Abstract

This article discusses the idea of cosmopolitan law according to Immanuel Kant (1724 – 1804) through his book entitled ” Perpetual Peace ” in 1775, which he wrote with the aim of defending this idea. To eliminate war and its scourge, and to establish relations of cooperation, trust and mutual respect between them. And the idea of moving the law related to international relations from the law of states to the law of peoples.

key words:

Cosmopolitan, justice, freedom, equality

المقدمة

دائما ما ترتبط السياسة في أذهاننا بأنها مكر وخداع وأن الأخلاق في حضرتها لا قيمة لها و اذا حضر الفعل الأخلاقي داخل حقل السياسة فقد يكون حضوره لاعتبارات نفعية ويبقى هذا الفعل محاطًا بالشك لأن السياسة شيء والأخلاق شيء آخر. باعتبار أن أفعال الفرد في جميع مناحي حياته تحركها إما الرغبة أو النزعة كما أكد ذلك راسل في كتابه المجتمع البشري في الأخلاق والسياسة قائلا :

“إن الدافع إلى النشاط البشري كله هو إما الرغبة أو النزعة وهناك نظرية وهمية تقدم بها بعض الأخلاقيين المتحمسين مقتضاها أن الإنسان يستطيع أن يقاوم الرغبة في سبيل الواجب والمبادئ الأخلاقية . وأنا أقول أن هذا وهم .”

وهنا نطرح سؤالا لطالما يتردد كثيرا في مثل هذا السياق هل يستطيع متقلد الحكم أن يقاوم رغبته في التمسك بالحكم اذا لم يحقق المنفعة العامة لشعبه ؟ وهل يستطيع استحضار الواجب والمبادئ الأخلاقية حين يتعارض الفعل الأخلاقي المرتبط بما هو سياسي مع الرغبة في حيازة أكبر قدر ممكن من متاع السلطة؟ ففي الدول الديمقراطية المستقرة سياسيا مثلا، نجد أن عملية الانتخاب والاحتكام إلى صناديق الاقتراع وتكريس مبدأ تداول السلطة من خلال الأحزاب السياسية، آلية ديمقراطية تكشف على كذب السياسيين وتمكن من استبدالهم، خاصة عندما يفشلون في تحقيق المصلحة العامة، وهذه ميزة مفقودة في الدول التي تحكمها أنظمة ملكية أو جمهورية. لكن في الدول المتقدمة جداً مثل سنغافورة وغيرها من الدول نجدها تتبنى نظاما ديمقراطيا وعدالة لا نجد لها مثيلا في دول أخرى فسويسرا مثلا تعتبر نموذجا مثاليا للديمقراطية بخلاف دول كثيرة بعالمنا العربي  ولهذا السبب يعد الحكم الديمقراطي القائم على المبادرة الشعبية والاستفتاء الشعبي؛ هو الأمثل لأنّه يهتم بتحسين أوضاع الناس اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. ويعتمد مبدأ المشاورة ويكون حكمه نابعا من إرادة الشعب، ومثل هذا النظام يسمح بتداول السلطة أو التناوب على الحكم، إذا فشل الحاكم في تدبير شؤون شعبه بحنكة.

وهذه هي السياسة الحقة التي تخدم الصالح العام وتحقق المنفعة للشعوب بخلاف السياسة اللاأخلاقية القائمة على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة فهي تؤدي إلى تفقير الشعوب وتهميشها  .

وما يدور في دواليب السياسة والمهمين على الممارسة السياسة في عالمنا هو الفعل اللاأخلاقي، بحيث أضحت الفلسفة الأخلاقية في هذا الحقل للحالمين فقط، ولكن هذا لا يعني أن العالم ليس فيه بلدان تعتمد في تدبير شأنها السياسي على المبادئ الأخلاقية فكما ذكرت سالفا هناك دول مثل سنغافورة وسويسرا والدنمارك تعتبر النموذج الأمثل في هذا الشأن، لكن هناك دول غربية ـ خاصة تلك الدول التي تحشر أنفها في الأزمات السياسية للعالم العربي ـ  تمثل سياستها الجانب اللاأخلاقي وتتبنى مبدأ الليفياتان في إطلاقيته بحيث تعتبر نفسها تملك الحكمة المطلقة لإدارة النزاعات والأزمات السياسية في البلدان العربية، فيزيد تدخلها من حدة التوتر وخلق بؤر صراع أخرى كما حدث في العراق وسوريا مما يؤثر على قيمة السلام في هذه البلدان.

وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الحرب لا تنفصل عن الطريقة التي تدير بها دولة ما شأنها داخل حدودها، فالمجتمعات التي هي ذات طبيعة سياسية عادلة ستعتمد سياسية خارجية تجنح إلى السلم ولن تدخل غمار الحرب إلا بهدف الدفاع عن نفسها. أما الدول الاستبدادية فنجدها تعتمد جيوشاً تربت في كنف الاستبداد و داعمة لكل قرار ينحو منحى العنف واشعال فتيل الحرب. ومن هنا تأتي أهمية  السياسة العادلة، فكلما تطورت البلدان واتجهت نحو نظام حكم يقوم على دستور يحمي الحقوق ويسمح للمواطنين بالمشاركة في صناعة القرار السياسي وخاصة  القرارات التي تتعلق بالحرب، ففي هذا الشكل من الحكم لن يدعم الناس سياسة تجنح إلى إشعال الحروب وتغذيتها وافتعال الازمات .

لذلك بلور كل من ايمانويل كانط وجون راولز مفاهيم جديدة من نوعها لطبيعة العلاقات بين الدول على أرضية تقوم على القانون الدولي بهدف إقامة السلام الدائم بين الشعوب، وذلك من خلال إخضاع أمور السياسة لقانون الأخلاق، لذلك تعتبر كتاباتهم مهمة في  مجال الحقوق والثوابت الأخلاقية السياسية، بل و يشكل مفهوم السلم  قطب الرحى في فلسفتهم الأخلاقية وجانب تنظيرهم للعلاقات الدولية.

يناقش ايمانويل كانط من خلال  كتابه الموسوم بـ ” مشروع السلام الدائم”   الصادر سنة  1775 م والذي ألفه بهدف الدفاع عن فكرة السلام في ضوء القانون الكسموسياسي، حيث بلور في مشروعه قانوناً يروم من خلاله إقناع الدول بإنشاء حلف بين الشعوب للقضاء على الحرب وويلاتها، وإقامة علاقات تعاون وثقة واحترام متبادل بينها.   ويتم ذلك وفق رأيه من خلال إبرام عقد فيما بينها يتضمن مجموعة من البنود تضمن استمرارية السلام العالمي والتعاون الدولي .  وهو ما يستلزم أن لا تنطوي نية أي طرف في هذا العقد على أي سلوك من شأنه أن يثير النزاع والحروب في المستقبل. إذ يقول كانط:  ” إن معاهدة من معاهدات السلام لا تعد معاهدة، إذا انطوت نية عاقديها على أمر من شأنه إثارة  الحرب من جديد.”

إن مشروع السلام الدائم لكانط هو دفاع عن الكونية وحق الفرد فيها، وقد تبنى هذا المصطلح في جل كتاباته السياسية والأخلاقية. و يطلق عليه القانون الكسموسياسي  بحيث يتجاوز القانون بعده المدني أو قانوناً مدنياً خاصاً ببلد معينة بل قانوناً كونياً للأرض جمعاء . ومن أجل إنشاء دستور مدني مثالي لابد من العناية بقانون يحكم العلاقة الخارجية مع الدول الأخرى، ولا يمكن حل أزمة الحرب إلا إذا تم العناية بالقانون الكسموسياسي .

أما جون راولز فيهدف  من خلال كتابه “قانون الشعوب” بلورة رؤية جديدة للعلاقات بين الحضارات والشعوب، أساسها التعايش السلمي بعيدا عن مظهر العنف والحرب. وتأسيس نموذج جديد في العلاقات الدولية، يضمن الاستقرار ويقوم على العدالة وعلى وفاق أخلاقي بين شعوب “متعقلة”. وتقديم معالجة تعاقدية للتهديد الذي تمثله الحرب على القانون الدولي، وعلاقات التعايش السلمي بين الشعوب التي لا يمكن تطبيقها إلا إذا نجحت الشعوب المتعقلة في الاتفاق على جملة من المبادئ، تحدد حقوقها وواجباتها في إطار نظام دولي قائم على التعاون. حيث يتم  كل مظاهر اللامساواة بين الشعوب، الناجمة عن أسباب طبيعية وتاريخية ومنعاً من أن تؤثر في طبيعة المبادئ  التي سيتم الاتفاق عليها، و لا بد أن يشعر الأطراف أنهم  على قدم المساواة، وفي حالة من التناظر الكامل في ما بينها، حتى يتم اختيار مبادئ العدالة الدولية ضمن شروط يتوفر فيها الانصاف.

كتابات كانط وجون رولز في ضوء الأزمات السياسية للعالم العربي  والتدخلات الخارجية والبحث عن إمكانية خلق سياسات جديدة تسمح بالقيم وتفسح المجال للفعل الأخلاقي في العلاقات الدولية و الوقوف على أهم الإشكالات والحلول التي جاء بها من أجل صياغة قانون عالمي للسلام الدولي الدائم و حل لإستباب الأمن والطمأنينة بين مختلف الشعوب. لذلك كرّس كانط جهده للبحث عن صيغة تعاقدية ترضى بها جميع الدول والأمم تحول دون التهديد الذي تمثله الحرب على القانون الدولي وعلى السلم العالمي. ونروم أيضا في عملنا البحث عن أجوبة  للعديد من الأسئلة التي تخامرنا عندما نقرأ كتاب كانط مشروع سلام دائم حول علاقة الأخلاقي بالسياسي في علاقة الدول ببعضها البعض. وكيف يمكن للدول أن تتصرف لا وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية وحب الهيمنة والسيطرة والمجد والقوة وإنما وفق مصلحة الجميع في سيادة مبادئ أخلاقية قوامها الثقة المتبادلة والصدق واحترام حق كل شعب في الاستقلال والحرية. فأهم سؤال يطرح في هذا المجال هو كيف نظَر كانط  لإمكانية تصالح الأخلاق والسياسة لتحقيق مبادئ السلام العالمي ؟  وماهي العوائق التي تحول دون تحقيق هذا المقتضى الكانطي ؟

 

 

الاطار النظري

إن فكرة القانون الكسموسياسي تتلخص في اعتبار الإنسان العالم كله وطناً له، وظهر هذا المفهوم مع  الرواقية التي عملت على تقوية الضمير الفردي السياسي والحسي بالواجب، والشعور بالأخوة الكونية والتآلف الشامل، فكانت تلك مآربهم الأساسية.(سارتون، 2010) وقد أكد جورج سيباين ذلك في كتابه ” تطور الفكر السياسي” حيث قدم مجموعة من المبادئ كانت بمثابة قطب الرحى للرواقية في جهودهم السياسية وهي كالآتي :

إن وحدة الجنس البشري، ومساواة الناس، ومن ثم العدالة في الدولة، وتساوي قيم الرجال والنساء، واحترام حقوق الزوجات والأطفال، وعمل الخير، والحب، وطهارة الأسرة، والتسامح، والإحسان إلى الآخرين، والشعور بالإنسانية في كل الأحوال حتى في حالة الضرورة القاسية التي تقضي بمعاقبة المجرم بالإعدام. كل هذه الأشياء هي الأفكار الأساسية التي تملأ كتب الرواقيين المتأخرين . ( سباين،2010 : ص: 38)

لقد كانت فلسفة المدرسة الرواقية نابعة من شعور “التعاطف الكوني”  وبالنسبة لهم  كل شيء يحدث في جزء من الكون يؤثر في سائر الأجزاء الأخرى. (ديورانت، 2013 ) وقد امتد مفهوم التعاطف الكوني ليشمل الجانب السياسي. فإذا كان أبيقور قد اتخذ موقفاً من انخراط الحكيم في السياسة إلا في بعض الظروف الخاصة، فإن زينون مؤسس الرواقية كان له رأي آخر واعتبر أن الحكيم الحقيقي هو الذي ينخرط في السياسة ما لم يمنعه شيء. بل إن التزام الرواقي بالسياسة هو جزء من خطة الطبيعة العقلانية للسعادة البشرية. (أوريليوس،2017 ).

وتجدر الإشارة إلى أن مذهب الرواقية قد تعرض لانتقادات كثيرة من طرف مذهب الشُكَّاك لكن هذه الانتقادات عدها جورج سيباي بمثابة تنقيح لمذهب الرواقية، حيث قام بنائتوس الرودسي الذي ترأس الرواقية قبيل نهاية القرن الثاني بتنقيحها وعلى الرغم من أنها فقدت صلابتها المنطقية إلا أنها اكتسبت رقة وأصبحت أكثر قبولاً عند طبقة المثقفين ـــــ لأنها كانت فلسفة شعبية في البداية ــــ  الذين لم يلقوا بالاً  بالجوانب الفنية للمدراس الفلسفية . وكانت هذه مسألة في الدرجة الأولى من الأهمية بالنسبة إلى التأثير الاجتماعي والسياسي الذي استطاعت هذه الفلسفة أن تنشره. وقد اهتم بنائتيوس بإعادة كتابة المذهب الرواقي في أسلوب جعله سهل القبول لدى أفراد الطبقة الارستقراطية من الرومان، الذين يجهلون الفلسفة كل الجهل. ومع ذلك كانوا شديدي التلهف إلى تلقي العلوم التي تختلف كثيراً عن كل ما أنتجته روما من علوم. ولم تكن أية  فلسفة يونانية أخرى لتفوق الرواقية في استنهاض الفضائل الطبيعية في ضبط النفس والإخلاص للواجب والروح العامة، وهي فضائل يجعلها الرومان إجلالاً خاصاً ويزهون بها، ولم تكن هناك نظرية سياسية أخرى غير نظرية الرواقيين في الدولة الكونية تصلح لإدخال بعض المبادئ المثالية على وسائل الاستعمار الروماني الجشع، أما نقطة الاتصال بين الرواقيين والرومان أثناء تلك الفترة الحرجة. وهي الربع الثالث من القرن الثاني فكان منشؤها العلاقة التي قامت بين اثنين من اليونانيين هما بناتتيوس وبوليبيوس الإنسانية أثراً قوياً في الرواقيين من الرومان  . (سباين، 2010)

أخذت الرواقية الحديثة بفكرة أفلاطون عن الواجب الاجتماعي والسياسي، فلما كان الإنسان كائناً اجتماعيا فإن من واجب الفرد أن يقوم بدوره في الشئون السياسية العامة. وقد أكد ذلك ماركوس بقوله ” إنني أصحو من نومي لكي أؤدي عملي كإنسان، أمازلت  كارهاً أن أذهب لكي أؤدي ما خلقت من أجله وما وجدت في العالم لكي أؤديه” (أوريليوس،2017: ص: 200 ).

غير أن طبيعة النظام السياسي عند الرواقية ظل محل خلاف بين مختلف الفلاسفة الرواقيين والتي شملت كلاً من الجيل الأول لقادة المذهب، وشخصيات لاحقة ازدهرت في الفترة الرومانية. وكانت جل تفسيراتهم السياسية شخصية حيث تم تصوير النظام السياسي عند الرواقية على أنه مدينة بها مجموعة من الناس يعيشون في نفس المكان ويديرها القانون. (https://plato.stanford.edu) وكانت ترى الرواقية أن علاقة الفرد بالدولة، تحكمها القوانين والتي شرعت لحماية المجتمع من خرق الحمقى وظلمهم، إذ لا يستطيع أن يسلك الفرد في حياته طريقاً قويمة عادلة غير الحكماء، أما أوساط الناس فلا مندوحة من ردعهم بقوة القانون لعجز نفوسهم عن تقويم نفسها بنفسها، ويرى الأبيقوريين أن الدولة بقوانينها قد نشأت في بادئ الأمر بالتعاقد بين أفراد المجتمع، ولذا يجب علينا أن نحترم القانون، وأن نطيعه في حدود  العدالة والإنصاف (محمود وأمين، 2017 ). وفي الجانب المتعلق بالمؤلفات فقد كتب كل من زينون و Chrysippus أعمالًا في الصنف الأفلاطوني بعنوان جمهورية، تجمع بين الفكرة الرواقية عن القانون الطبيعي الذي يتم بموجبه مواءمة السلوك البشري مع النظام الكوني، والرؤية الكلاسيكية للسياسة الأفلاطونية ( https://plato.stanford.edu). وعدت الرواقية أن كل انسان خاضع للقوانين، أي قانون مدينته وقانون المدينة الكونية، وقانون العقل، فقد دافعوا على أن يكون للقانون الثاني ـــ المدينة العالميةـــ اليد العليا، ويجب أن يضع معياراً تلتزمه شرائع المدن وعاداتها، فالعادات مختلفة. ولكن العقل واحد. ووراء هذا الاختلاف ينبغي أن يكون هنالك قدر من وحدة الغرض، وبهذا تهدف الفلسفة الرواقية إلى فرض وجود نظام قانوني كوني له فروع محلية لا نهاية لها، فاختلاف الأماكن والظروف شيء معقول ولكن معقولية النظام الكسموسياسي تحول دون  أن تتغير هذه الاختلافات إلى مشاحنات ونزاعات، وهذا الرأي في جوهره يطابق ” مبدأ اتحاد القلوب” الذي نادى به الإسكندر المقدوني، حيث كانت المدن تتمتع بنوع من الحكم الذاتي، وكان القانون العام، يربط هذه المدن بعضها ببعض.(العلاق،2020 )

أولا: سؤال الإتيقا في الرؤية الكانطية للعلاقات الدولية

تعتبر مفاهيم العقل العملي (الأخلاقي)، الواجب الأخلاقي و الإرادة الخيرة، بمثابة ثالوث بنيت على أساسها فلسفة ايمانويل كانط.  وقد أدخل كانط نظريته الأخلاقية إلى حقل السياسة فكانت كتاباته السياسية تسير جنبا إلى جنب مع فلسفته الأخلاقية. وقد بني النسق الفكري لـــــــــ “كتاب مشروع السلام الأبدي” على مبادئ أخلاقية كونية. وعندما نقارن ذلك بما ورد لدى ماكيافللي يبرز لنا الفارق إذ أن صاحب كتاب الأمير أعلن رفضه التام لربط السياسة بالأخلاق واعتبر أن مهمة الحاكم سياسية وليست أخلاقية، فهو لا يبحث عن شروط السعادة في جمهورية محكمة التدبير، ولا يبحث أيضا عن مدينة الله ومدينة الإنسان تلك المدينة التي بحث عنها اوغسطين من قبل. فبالنسبة إليه كسياسي تقتصر مهمته في وضع قوانين السلطة وفرض الطاعة على رعيته. (إمام، 2001، ص 258) لكن كانط اعتبر أن مهمته السياسية هي إخراج السياسة من شرك الخداع والمكر إلى آفاق كسموسياسية تحقق من خلالها الدولة مواطنة كونية وسلاماً دائماً .

تقوم الفلسفة الكانطية على أساس أخلاق الواجب، فالسياسة الأخلاقية عنده هي عدم التخلي عن الأخلاق من أجل السياسة. بل يجب ترجمة مبادئ الحذر السياسي بشكل يجعلها تتواجد مع الأخلاق لأن الشرف في نظره هو أفضل سياسة. ويمكن من خلال فلسفته أن نحكم بأنه لا يوجد أي تناقض أو تعارض بين الأخلاق والسياسة، فالعمل بالقوانين الأخلاقية هو الحجر الأساس في فلسفة كانط، والأخلاق بدورها تنسجم مع السياسة على أساس الواجب ، وديدنه في هذا كله هو الانتقال من حالة الحرب أو (الصراع التي تحدث عنها هوبز وغيره من فلاسفة العقد الاجتماعي) إلى حالة النظام والسلام، عبر العقل العملي الاخلاقي الذي يصدر إلينا أمراً صارما نتلقاه صاغرين  “يجب ألا تكون هناك حرب” . (كانط، ص 19)

يعرف كانط الأخلاق بأنها علم العمل، لكونها تشمل على جملة من القوانين المطلقة التي ينبغي العمل بمقتضاها ويقصد بالقوانين المطلقة؛ تلك القوانين الأخلاقية المرتبطة بمبدأ الواجب، لأن كانط يربط الأخلاق بالواجب مباشرة، وأشار إلى ذلك بعبارة ساخرة!  “و إنه لما يناقض العقل مناقضة بيِّنة أن نسلم لفكرة الواجب هذه بما هي جديرة به من سلطان، ثم نزعم بعد ذلك أننا لا نستطيع أداء ما هو واجب: فلو كان كذلك للزم محو الفكرة من الأخلاق.”(كانط، ص 96) لذلك يستند تفسير كانط لمحتوى المتطلبات الأخلاقية وطبيعة القانون الأخلاقي، على تحليله للقوة الفريدة التي تمتلكها الاعتبارات الأخلاقية كأسباب للتصرف. وقوة المتطلبات الأخلاقية كأسباب هي أننا لا نستطيع تجاهلها مهما كانت الظروف قد تتآمر ضد أي اعتبار آخر. إن المتطلبات الأخلاقية الأساسية تحتفظ بقوة إعطاء العقل تحت أي ظرف، فهي تتمتع بصلاحية عالمية. لذا، أيًا كان ما يمكن قوله عنها فإن محتواها عالمي. إذ لا يجب أن أتصرف أبدًا إلا بطريقة “يمكن أن تصبح قاعدتي قانونًا عالميًا”. هذا هو المبدأ الذي يحفز حسن النية، والذي يعتبره كانط المبدأ الأساسي لكل الأخلاق.(Johnson & Cureton,2004 ) ولأن السياسة هي علم العمل في القانون والأخلاق هي علمه النظري، لا يرى كانط أن هناك نزاع بين النظر والعمل، ولا يحصل النزاع بينهما إلا في حالة النظر إلى الأخلاق على أنها مجرد نظرية عامة وقواعد لاختيار أنسب الوسائل لتحقيق أغراضنا النفعية. (كانط، ص 96) مثل: أن يكون دافعنا في احترام القوانين المدنية والقوانين الأخرى هو الخوف من العقوبات أو فقدان المكانة والسمعة، وغير ذلك من نتائج السلوك القانوني. لكن يعتقد كانط أننا في العمل بالواجب لسنا مدفوعين على الإطلاق بنتيجة مستقبلية أو بعض السمات الخارجية الأخرى لسلوكنا إلا بقدر ما تكون هذه متطلبات الواجب بحد ذاتها، فنحن مدفوعون لمجرد امتثال إرادتنا للقانون لذاته.  Johnson & Cureton, 2004))

إن السياسة عند كانط يجب أن ترتكز على مبدأين “كونوا فطنين مثل الأفاعي” (بن علي، ص:6 ) وتضيف الأخلاق كن بسيطاً كالحمائم.” (كانط، ص: 88) فإذا لم يستطع مُمارس السياسة أن يجمع بين فطنة الأفاعي وبساطة الحمائم ويُوفق بينهما كان هناك خلاف بين السياسة والأخلاق، وعد هذه الأخيرة مرتبطة بمبدأ الاستقامة كشرط لابد منه للسياسة نفسها.  مؤكداً أن حالة السلام لا يمكن الوصول إليها إلا إذا تم العمل بمقتضى الأخلاق، وفي هذا الصدد يعتبر كانط أن الطبيعة الإنسانية لا ترغب في الوصول لهذه الحالة باعتبار أن طبيعتها تميل إلى الحرب. ورأى أن الاقتصار على مبدأ الحرية  لا يكفي وحده بل يجب اتحاد إرادة كلية لإقامة جماعة مدنية ولن يتحقق ذلك إلا بقوة القانون العام، لهذا يشترط أن يكون للمشرع قدر من الأخلاقية والاستنارة. والهدف من هذا الشرط هو الوصول إلى صيغة قانونية كونية، فإذا رفض المشرع مثلا أن يملي عليه الشعب القوانين فمن المؤكد أن هذه الدولة سترفض الخضوع لقانون يفرض عليها من الخارج، لأن السلوك الذي تنهجه الدول داخل حدودها هو ما تسلكه في علاقاتها الخارجية. (الكشو، ص 8) وبالتالي؛ فإن غابت أخلاقية المشرع فلا جدوى من القانون المدني وقانون الشعوب والقانون الكسموسياسي. (الكشو، ص: 90)

ولبناء سياسة متينة تهدف إلى السلام، لابد أن تستند أحكام القوانين على المبادئ التجريبية للطبيعة البشرية مع الاسترشاد بما هو حاصل في الحياة العملية، إلى جانب تبني مبادئ الحرية والقانون الأخلاقي لأن غيابهما عن السياسة سيؤثر في حالة السلام. وطبعاً إذا كان كل ما يحدث في دواليب السياسة ناتجاً عن آلية الطبيعة المحضة، فحينئذ تكون السياسة هي كل الحكمة العملية بفضل آلياتها التي تملك القدرة على كشف ميول المنفعة والأنانية التي اعتبرها كانط وسيلة لبلوغ مبادئ الحق واستتباب السلام وبالتالي؛ فإن الحرية والقانون الأخلاقي وآلية الطبيعة هي شروط يمكن من خلالها تحقيق التآلف بين الأخلاق والسياسة. (كانط، ص: 91)

ثانيا : فكرة القانون الكسموسياسيي والمواطنة الكونية وتطوراتها في الفلسفة السياسية عند كانط:

خصص كانط فلسفته الأخلاقية والسياسية من أجل الدفاع عن التنوير بشكل عام وعن فكرة الحرية بشكل خاص. حيث ربط مشروطية عصر الأنوار بها، مؤكداً ذلك  في مقاله الموسوم بـ  “ما الأنوار ؟” من خلال قوله : ” إن الأنوار لا تشترط إلا الحرية. وعلى الأصح إنها لا تتطلب إلا أقل الحريات إيذاء وأعني؛ تلك التي تتعلق بالاستخدام العمومي للعقل في جميع الميادين.” (سبيلا و بنعبدالعالي، 2010، ص:288) بمعنى؛ أن يكون الإنسان هو سيد نفسه، وأن تتوفر لديه الشجاعة في استخدام عقله. (الخضيري، 2010، ص 275) وقد نافح كانط عن حق الإنسان في الحرية، وعدها حقا فطرياً للخروج من حالة الطبيعة  والانتقال لحالة المدنية والسلام والرشد وأن نفكر بأنفسنا. لذلك لا يمكننا فصل الحرية عن مذهبه الفلسفي، فجميع آرائه الفلسفية مرتبطة بها، فهي محور أعماله الفلسفية كلها.

وتجدر الإشارة إلى أن الحرية ارتبطت عند كانط بكل مكونات اللحظة الحديثة في تنظيره السياسي، وآمن بالحرية كشرط في الممارسة السياسة ولن تتحقق أخلاقيات السياسة في نظره إلا إذا احترمت حرية الأفراد. لذلك وجه كانط سهام النقد للعديد من المفكرين، مثل ماكيافللي الذي فصل الأخلاق عن السياسة وتوماس هوبز الذي اختص له مقال “النظرية والتطبيق” “The theory and  practice”  للرد على أفكاره، ورفض آراءه  في الاستبداد بالسيادة وانتقد عقلانيته ومحاولته تطبيق المناهج والطرق الهندسية على الشؤون الإنسانية والاجتماعية. (الخضيري، 2010، ص: 287) وقد اعتبر كانط أن تطبيق المنهج الرياضي داخل المعرفة الفلسفية لا يمكن أن يكون مفيداً لها، لذلك يجب على من يسعى إلى المعرفة الفلسفية أن يبحث عن تقنيات للتفكير تناسب خصوصية الفلسفة لأن استعمال الفكر الرياضي داخل مجال التفلسف، لن يصنع سوى وهم المعرفة واليقين. (منصف،2007، ص: 326) وهو ما أشار إليه  في كتابه نقد العقل المحض ” فإذا لم يكن ثمة من دغمائي في الاستعمال النظري للعقل حتى من حيث المضمون، فإنه لا يمكن أن يناسبه أي منهج دغمائي سواء استعاره من الرياضي أم حصل عليه بطريقة خاصة، ذلك أن هذا النوع من المنهج لا يفعل سوى أن يخفي الأخطاء والأغلاط ويخدع الفلسفة.” (موسى، ص: 358) إلا أن القضية السياسية لكل من كانط وهوبز كانت واحدة، وهي الانتقال من حالة الحرب إلى حالة النظام وأضاف كانط مبدأ السلام وأن القانون يعد أمراً واجباً، ومن الضروري فرض الامتثال له  وإجبار الآخرين على طاعته.  و لن تتحقق الحالة المدنية إلا من خلال اعتماد ثلاثة مبادئ وهي حرية كل عضو في المجتمع بصفته إنساناً وتساوي كل إنسان مع كل إنسان آخر، وأخيراً استقلالية كل عضو في جماعة بصفته مواطناً. (مصباح، 2011، ص: 188)

هذه المبادئ هي قوانين يتم من خلالها إنشاء دولة بمفردها وفقًا للمبادئ العقلانية البحتة لحقوق الإنسان، وقد أسهب كانط في شرح هذه المبادئ في مقاله “النظرية والتطبيق” فما هي هذه المبادئ التي اعتبرها كانط أساساً لكل تشريع قانوني ؟

ثالثا: المبادئ المُؤسِسة للقانون الكسموسياسي:

يمكن عزو مفهوم الحق العالمي بشكل مباشر إلى كتابات كانط السياسية كما هو موضح في مقاله  “النظرية والتطبيق” إذ يستلزم المفهوم الأساسي للحق؛ تقييد حرية كل فرد بحيث تنسجم مع حرية أي شخص آخر، باعتبار أن الحق العام هو السمة المميزة للقوانين الخارجية التي تجعل هذا التناغم المستمر ممكنًا. إذ سيناقش كانط الحق الكسموسياسي بشكل شامل، وسيحدد أيضا تلك المبادئ التي يجب أن تحكم بشكل صحيح التفاعلات البشرية العالمية في المقام الأول التفاعلات بين المجتمعات و بعضها على المستوى الفردي. بالنسبة إلى كانط يرى أن جميع الأفراد مشرعين و مشاركين في اتحاد فدرالي أخلاقي عالمي وهم معنيون باحترام استقلالية جميع الأفراد باعتبار أن الأرض هي ملكية بشرية مشتركة. (,Caerera 2008, p18 )

 مبدأ الحرية

إن الحرية عند كانط هي؛ مصدر كل حق خارجي الذي يجعلها قريبة جداً من مقصد الرؤية الليبرالية، التي تحدد على غرار طوماس هوبز و جون لوك و مونتسكيو؛ بأنها عدم التدخل في المجال الخاص للفرد، أو بلغة أخرى احترام الاستقلالية الفرديّة التي تدفع إلى المماهاة بين الفرد والمواطن. وهو تصور يجعل الحرية ترتبط على نحو بيِّن بمعنى التحديد، أو بعبارة أخرى؛ يحددها الحق ذاته سلباً، لأنه هو ذاته تحديد خارجي لحرية كل فرد على نحو يجعلها تتلاءم مع حرية الآخرين في نطاق الحق المدني العمومي.  ويمكن تعريف الحق المدني على أنه مجمل القوانين الخارجية التي تجعل تعايش الأفراد ممكناً، باعتبار أنه ليس بالإمكان توحيدهم تحت مبدأ خارجي آخر يكون مشتركا بينهم بما في ذلك السعادة ذاتها، باعتبار تنوع أفكارهم حول تلك المبادئ واختلافها. ويُمَكن ذلك كانط من الجزم بأن ” لا أحد يستطيع أن يرغمني أن أكون سعيدا طبق فهمه لرفاهية الآخرين، إذ يمكن  لكل شخص أن يسعى إلى سعادته بالطريقة التي يراها مناسبة له، طالما أنه لا يتعدى على حرية غيره  في السعي إلى تحقيق غاية مماثلة ” (Kant, 2010, p 74) وهذا ما يجعل كانط يتميز عن كل نزعة تسلطية مثل النزعة التي يقدمها هوبز والتي تجبر على نحو أبوي على مقايضة الحياة والأمن والسعادة بالحرية. (مصباح، ص: 191)

وقد فصل كانط في شرح وتوضيح هذا المبدأ في مقاله “النظرية والتطبيق”  مؤكداً ضرورة احترام الأفراد باعتبارهم ذوات حرة، بشرط ألا ينتهك الفرد الحرية التي يتعين على الآخرين السعي إليها لتحقيق غاياتهم الخاصة، بحيث تكون هناك إمكانية للتوفيق بينها وبين حرية أي شخص آخر في إطار قانون. و يجب كذلك أن يمنح الأفراد نفس الحقوق التي يتمتع بها الفرد داخل المجتمع، وهو شرط أساسي لصياغة دستور الدولة وقد تُؤسس حكومة ما على مبدأ الإحسان تجاه الناس، مثل حكومة الأب تجاه أبنائه لكن يظل الأشخاص في ظل هذه الحكومة الأبوية يعاملون بصفتهم أطفالًا غير ناضجين مقتصرين على التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضار لأنفسهم. وبالتالي سيكونون ملزمين بالتصرف بشكل سلبي وسيعتمدون على حكم رئيس الدولة فيما يتعلق بكيفية تحصيل السعادة باعتباره المسؤول عن سعادتهم بشكل مطلق. وستكون حكومة مثل هذه، في نظر كانط، أعظم استبداد يمكن تصوره. لذلك يدعو إلى الحكومات الوطنية التي تتأسس على حرية مواطنيها، وليس الأبوية لأن الدستور ليس حضناً للأم أو البلد باعتبارها الأرض الأبوية التي نشأ منها والتي يجب أن يورثها لأحفاده. فكل فرد مخول بحماية الدستور بموجب قوانين الإرادة العامة، ولكن لا يخضعها لاستخدامه الشخصي. إذن فحق الحرية هو ملك لكل عضو في الدولة كإنسان، بالقدر الذي يكون كل فرد قادرًا على امتلاك الحقوق. (مصباح، ص:  74) وما يمكننا فهمه من خلال هذا المبدأ أن الدولة مسؤولة عن الحرية كحق قانوني وليست ملزمة بها  كحق مرتبط بتحديد سعادة الفرد ورفاهيته.

 

 

مبدأ المساواة:

في هذا المبدأ يرفض كانط أن يُكره الحاكم الأفراد على الخضوع إلى قوانين قسرية بل وجب عليه احترام القانون وإشراك كل فرد من أفراد الرعية في كل التشريعات كواحد من المشرعين. وعندما يشارك الحاكم في التشريع ويسن القوانين، ينبغي عليه أن يحترم ويراعي حقوق أفراد رعيته وفي هذا ضمان لحرية وأمن الجميع؛ وهو هنا يدعو إلى الانفصال والاستقلال على الإكراه والقسر الذي تفرضه إرادة أخرى. وإذا كانت الحرية هي أول حق رئيسي للمواطن داخل الدولة، فإن المساواة هي الحق الثاني وهذه المساواة هي الموحدة للبشر كذوات للدولة بمعنى أن الجميع متساوون كأفراد أمام القانون و لا أحد يستطيع إكراه أي شخص آخر إلا من خلال القانون العام، الذي يعرفه كانط بأنه حالة ينظمها تشريع حقيقي يتوافق مع مبدأ المساواة وتدعمه السلطة، ويعيش بموجبه شعب كامل كرعايا في دولة مدنية ، وتتميز بالمساواة التي تقيد بعضها البعض وفقًا لقانون الحرية العام. (مصباح، ص : 75)

يميز كانط هنا بين المساواة الخبرية والمساواة المدنية، ولذلك فإنه لا يفهم الحق الطبيعي على نحو خبري كما عند هوبز مثلاً، بل  يعتبره حقاً طبيعياً عقلياً أي بعبارة أخرى قبلياً، وهو بذلك يفترض وجود الحالة المدنية ذاتها حتى يكون موجوداً، وهو ما يجعل المساواة ذاتها في حقيقتها مدنية أي مرتبطة أو مشروطة بوجود القانون المدني ذاته، على نحو يجعل كانط أقرب إلى روسو فيما يتعلق بالمساواة المدنية، وفي عدم قابليتها لأي تنازل، ولكنه كذلك بعيداً عن التصورين الهوبوزي والروسوي، في الوقت نفسه، فيما يتعلق بأهمية المساواة الطبيعية. وهو ما ينعكس على تصوره لمعنى الحالة الطبيعية ذاتها والعقد الاجتماعي كذلك. (مصباح، ص: 194)

مبدأ الإستقلالية

يمكن تعريفها؛ بأنها استقلالية عضو في الدولة كمواطن أي؛ كمشرع مشارك في مسألة التشريع الفعلي بحيث يكون جميع الأفراد متساوين بموجب القوانين العامة القائمة، أما أولئك الذين لا يستحقون هذا الحق فيكونون ملزمين كأعضاء في الدولة بالامتثال لهذه القوانين ويتمتعون بالحماية القانونية لا كمواطنين وإنما كمستفيدين. لكن القانون العام الذي يُعرِّف لكل فرد ما هو مسموح له به ومحظور عليه، هو فعل إرادة عامة ينبثق عنه كل الحق، وبالتالي؛ لا يجب أن يكون هو نفسه سبباً  لإلحاق الظلم بأي شخص. (Kant, p: 75)

يقدم كانط في هذا السياق المرتبط بمفهوم الاستقلال the independence تصوراً مختلفاً للحرية، بحيث يحدد المواطنة بصفتها المشاركة في التشريع، مما قد يدفع إلى إدراجه ضمن الحداثة الجمهورية التي تحدد الحرية على غرار روسو، من جهة كونها حرية موجبة تتمثل في المشاركة في السلطة السياسية. ويتجلى ذلك في تصنيفه الجمهوري الذي أخذه عن Emmanuel-Joseph Sieyès [1] الثوري الفرنسي الشهير بين المواطن العامل أو بعبارة كانط “المواطن وبين المواطن غير العامل أو التابع” على نحو سمح للفيلسوف باعتبار المواطنة محصلة توفر صفات الحرية القانونية التي تعرف؛ بأنها طاعة القوانين التي شاركنا في سنها والمساواة المدنية التي تتحدد بالعلاقة مع من يملك الحق المشروع في الإلزام الخارجي للأفعال، وأخيراً صفة الاستقلال المدني التي تعرف أيضاً على نحو جمهوري ولكل الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم بل والذين لا يملكون لا أنفسهم ولا أي شيء آخر من دائرة الاستقلال المدني وبالتالي من دائرة المشاركة السياسية أي من المواطنة الفاعلة. (مصباح، ص: 193)

إذن، فالدستور المدني يقوم أولاً على حرية كل فرد داخل الدولة، ثم مساواته مع الآخر كذات، وأخيراً استقلاله كمواطن. وتتحقق هذه المبادئ في ظل نظام جمهوري وهو ما أورده كانط في المادة النهائية الأولى الموسومة بـ ” لتحقيق السلام الدائم” .

إن الدستور الوحيد المستمد من فكرة العقد الأصلي التي يجب أن يقوم عليها كل تشريع قانوني لشعب من الشعوب هو الدستور الجمهوري وذلك لأنه قائم على مبدأ الحرية الذي يعتنقه أعضاء جماعة ما من حيث هم أفراد على مبادئ تبعية الجميع لتشريع واحد مشترك من حيث هم مخاطبون بهذا التشريع الذي تبنى عليه جميع أنواع الدساتير في المدينة. (كانط، ص:41)

ويعتبر كانط أن هذا النظام هو المؤدي إلى السلام نظراً لأنه سيمكن من إقامة اتحاد فيدرالي بين الدول ومن سماتها تبنيها لنظام جمهوري ومضيافة للزوار الذين يسعون إلى التجارة أو تبادل الأفكار، حسب كانط، يمكن للدول الجمهورية أن تعمل كنقاط محورية للسلام لأنه في هذه الدول تكون موافقة المواطنين مطلوبة لتحديد ما إذا كانت ستندلع حرب أم لا و من الطبيعي أن يفكروا في كل مصائبها قبل أن يلزموا أنفسهم بلعبة محفوفة بالمخاطر على عكس الدول الاستبدادية ، فإنها تخوض الحرب بسهولة لأن حكامها لا يحتاجون إلى موافقة عامة ويمكنهم عادة تجنبها ويلات الحرب بشكل أوسع فإن الدول الجمهورية على عكس الدول غير الديمقراطية تعزز “الاستخدام العام للعقل” ، وهي بذلك تسهل التنوير الأخلاقي والسياسي لمواطنيها. (Linden, 1995, p: 72)

يتبنى كانط في صياغته لهذا المشروع نظرية هوبز في الطبيعة الإنسانية التي تميل إلى الحرب. “ولابد من وجود سلطة قوية تردع هذه النزعة وعند انعدام السلطة، أو إن لم تكن بما يكفي لتوفير حمايتنا، قد يلجأ كل فرد إلى قوته الخاصة بصورة مشروعة وبأسلوبه الخاص بغية حماية نفسه من الآخرين.” (هوبس، ص: 176) إذ يعتبر كانط هذه الطبيعة المتأصلة في الفطرة الإنسانية، التي وصفها هوبز في كتابه اللفياتان هي العقبة التي تحول دون السلام الدائم. (عقوني، 2019، ص: 114) وتجدر الإشارة إلى أن كانط أدخل تعديلاً على فلسفة هوبز وذلك بالمرور من مؤسسة الدولة إلى فكرة اتحاد فيدرالي، أي؛ الانتقال من القانون العام الداخلي (للدولة) إلى القانون الخارجي (دولي). وهذا تصور لم يتخيله هوبز فحسب بل رفضه؛ لأنه كان يتصور أن الدول تبقى في حالة الطبيعة بشكل نهائي وبالتالي فهي في حالة حرب دائمة. (zarka & caroline, 2016,p:24) لذلك يعتبر كانط أن حالة السلام بين أناس يعيشون جنباً إلى جنب ليست حالة فطرية: إذ أن الحالة الفطرية أدنى إلى أن تكون حالة حرب. وهي وإن لم تكن دائماً حرباً معلنة، إلا أنها على الأقل منطوية على تهديد دائم بالعدوان. وإذن فينبغي إقرار حالة السلام. (كانط، ص 93)

رابعاً: القانون الكسموسياسي والمواطنة الكونية:

إن مشروع السلام الدائم لكانط هو دفاع عن الكونية وحق الفرد فيها، وقد تبنى هذا المصطلح في جل كتاباته السياسية والأخلاقية. و يطلق عليه القانون الكسموسياسي بحيث يتجاوز القانون بعده المدني أو قانوناً مدنياً خاصاً ببلد معينة ليصبح قانونا كونيا للأرض جمعاء .وللإشارة فإن القانون ينقسم إلى ثلاث مواد رئيسية وهي القانون المحلي والقانون الدولي والقانون الكوني. ومن أجل إنشاء دستور مدني مثالي لابد من العناية بقانون يحكم العلاقة الخارجية مع الدول الأخرى، ولا يمكن حل أزمة الحرب إلا إذا تمت العناية بالقانون الكسموسياسي. (زندكولر، 2012، ص:512)

لهذا على الدساتير أن تشرع لقوانين تضمن الحقوق للجميع. و تحمي حقوق الناس خاصة وأن المبدأ الكانطي يقول بأنه على الأفراد أن يعاملوا بعضهم البعض كغايات  لينفتح بهذا المبدأ على سياسة كونية تتخطى حدود الدولة لتؤسس الوطن للآخر وتعيد أيضا طرح كل نظام وكل قانون وكل سلطة على محك الأخلاق و الكونية التي تجعل الفرد يرى نفسه من خلالها. إن المواطنة الكونية قائمة على مبدأ اعتبار الإنسانية أسرة واحدة وطنها هو العالم وأعضاؤها هم أفراد البشر جميعاً، بصرف النظر عن اختلافاتهم الدينية والعرقية والجنسية. (إدريسي، ص: 2) ولن تتحقق هذه المواطنة إلا عندما تكسر دوائر الانغلاق الثقافي، وتتصل الذات بالطبيعة. وهذا الأمر لن يتحقق إلا بالحرية؛ فالأفراد في المجتمع المدني لا يعاملون كغايات إلا عندما يتمتعون بحرية متساوية لذلك يعترف  كانط بثلاثة مستويات من الحقوق ” حق الدولة ” وهو الذي يحدد الحق بين الأشخاص داخل الدولة و “حق الشعوب” الذي يهتم بعلاقات الدول فيما بينهم والقانون الكسموسياسي الذي يتعلق بعلاقات الأفراد والدول فيما بينهم. (Benhabib, 2004, pp: 25- 29) إن القانون الكسموسياسي يخاطب الدول والأفراد، ويعتبرهم  “مواطنو الأرض” وليس مواطنين في دولة معينة؛ فكل البشر  بصرف النظر عن جنسيتهم  هم مواطنون عالميون. (Kleingeld, 1998,p: 79.)

يعتقد كانط أنه يمكن للمرء أن يكون مواطنًا عالميًا بالمعنى الكامل للمصطلح؛ فالمواطنة الكونية  تتوافق مع الولاء والواجبات الخاصة تجاه مجموعات معينة كما لو كانت دولة واحدة أو عائلة واحدة. والشرط في إمكان تحقق قانون كسموسياسي هو أن تقوم أولاً حالة شرعية التي من دونها لا وجود لأي قانون عام؛ إذ أن كلّ قانون يمكن تصوره خارج هذه الحالة لا يعدو أن يكون قانوناً خاصاً. وتجدر الإشارة إلى أن موضوع المواطنة الكونية طرح مخاوفاً مرتبطة بظهور دولة عالمية بحيث تنصهر الدول في ضرب من المملكة الكونية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى استبداد. (زندكولر، ص: 517) وهذه المواطنة الكونية التي دعا إليها كانط وتأثر بها في سياق نزعته الكونية التنويرية تخلى عنها وانتقدها لأنه توصل إلى أن الحكومة العالمية لا يمكن أن تكون شيئا آخر غير إمبراطورية تشقها النزاعات والحروب. (الكشو، ص: 22) وقد أبدلها بالحق الكسموسياسي المتمثل في واجب الضيافة.

خامساً: من المواطنة الكونية إلى واجب الضيافة

إن الدور الرئيسي للقانون الكسموسياسي هو تغيير وضع الأجنبي. لأنه غالبًا ما  يُنظر للأجنبي على أنه العدو. لذلك دعا كانط إلى ضرورة تحديد قانون كسموسياسي يضع الآخر الأجنبي في أفق عالم يحكمه القانون فقط. والهدف من هذا القانون هو نقل الآخر من العداء إلى الضيافة سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الشعوب. ومن أجل تحقيق ذلك  يؤسس كانط حسن الضيافة، ليس على الفضيلة  بل على الحق وهو في نظره حق عالمي. (zarka & caroline, p28) أي؛ حق كل فرد في هذه الأرض بألا يعامل معاملة العدو من البلد الذي يحل فيه، مادام مسالماً. وهنا وضع كانط شرط المسالمة مؤكدا على شرط السلم في الضيافة بين الطرفين ـ و يجوز للبلد أن يرفض إيواءه إذا كان في ذلك ما يضر بمصلحته. وليس للأجنبي أن يدعي لنفسه حق الاكرام باعتباره ضيفاً، لأن ذلك يقتضي اتفاقات خاصة تتيح له الضيافة.  (كانط، ص: 61)

وتوضح سيلا بن حبيب بأن “الضيافة” ليست عمل خيري بل حق. إذ لا ينبغي فهم الضيافة على أنها فضيلة التواصل الاجتماعي  مثل اللطف والكرم اللذين يمكن للمرء أن يظهرهما للغرباء الذين يأتون إلى أرضه أو الذين يعتمدون على أفعال الفرد في اللطف، بل الضيافة “حق” لجميع البشر بقدر ما نعتبرهم مشاركين محتملين في جمهورية عالمية.  لكن “حق” الضيافة هو عقد الإحسان. إذ يستلزم الحق في الضيافة المطالبة بالإقامة المؤقتة التي لا يمكن رفضها، لأن كانط  يعتبر أن رفض إقامة ضحايا الحروب الدينية، أو ضحايا القرصنة أو حطام السفن، عندما يؤدي هذا الرفض إلى زوالهم، أمراً غير أخلاقي. فالضيافة بالنسبة لكانط هي نداء الواجب الأخلاقي  واعتراف بـ “حقوق الإنسانية في شخص الآخر”. (Benhabib, p: 29.)

سادسا: من القانون الكسموسياسي إلى قانون الشعوب

يريد جون رولز بكتابه الموسوم بـ ” قانون الشعوب” الانتقال من مجتمع الدول إلى مجتمع الشعوب مسترشداً بالعقل العام؛ الذي هو عبارة عن مبادئ يحتكم إليها مجتمع الشعوب أي أن يتصرف المواطنون بمقتضى لبادئه باعتبارهم متساوين وأحرار ومشرعين، لا خاضعين لضغوط سياسية أو اجتماعية. ولا يمكن تأسيس فكرة مجتمع عادل وشعوب جيدة التنظيم إلى أن توجد شعوب تتمتع بكامل الحرية والمساواة، ويجب على هذه الشعوب أن تتقن التنسيق بين ما تقوم به حكوماتها من أعمال لتحقيق تعاون اجتماعي واقتصادي وسياسي. وبالتالي سيكون مجتمع هذه الشعوب مجموعة شعوب راضية بأحوالها، ولأنها ستكون حريصة على مصالحها الأساسية لن يكون لديها سبب يدعوها للدخول في حرب ضد بعضها البعض. وهي فكرة نهلها جون رولز من كانط وبالتالي؛ فالدوافع المعتادة للحرب لن يكون لها وجود ولن يسعى أي من تلك الشعوب إلى أن يرغم شعباً آخر على تغيير عقيدته الدينية، أو يسعى إلى التوسع بغزو أراضي غيره، أو إلى أن تكون له هيمنة سياسية على شعب آخر. (رولز، ص2007، ص:31) إن اللبنة الأولى لصياغة قانون الشعوب هي تحديد مبادئ العدالة وتجدر الإشارة إلى أن جون رولز يقسم العدالة إلى ثلاثة أجزاء جانب يتعلق بعدالة المؤسسات القومية، وآخر يخص الأفراد وأخيراً جانب يتعلق بالعدالة الدولية وسلوك الدول ولا يمكن التفكير في ابرام اتفاق تعاقدي بين الامم حول مبادئ العدالة الدولية إلا بعد الاتفاق حول مبادئ العدالة التي تنطبق على النطاق الداخلي وتحكم نمط اشتغال المؤسسات الكبرى في كل مجتمع على حدة والجزء الثالث من بادئ العدالة هو الذي ناقشه في كتابه قانون الشعوب.(الكشو، ص:1) والتركيز أيضا على سمات الشعوب تلك السمات المهمة التي تميزها عن الدول وفقا للتصور التقليدي، وكذا إلقاء الضوء على الصفة الأخلاقية للشعوب والطبيعة العادلة لنظمها محدداً سماتها من خلال قوله:  ” تستمد ما لها من حقوق وما عليها من واجبات من سيادة قانون الشعوب ذاته ولا تسترشد في سلوكها لاعتبارات الدولة.” (رولز، 2007، ص: 50) وكل هذا من أجل رسم ملامح جديدة للعلاقات بين الحضارات والشعوب أساسها التعاون والتعايش السلمي بعيداً عن مظاهر العنف والحرب، وعلاقات القوة والهيمنة وإحداث قطيعة مع المقاربة الواقعية التي سيطرت على التفكير الفلسفي في مجال العلاقات بين الدول والتي تجعل من الدول الفاعل القانوني الوحيد. وترى السلم مجرد توزان بين القوى العسكرية التي تمتلكها دول تتمتع بالسيادة الكاملة وذات مصالح متضاربة على نقيض المقاربة التي يريد بلورتها جون رولز، إذ يحاول صياغة تصور جديد قائم على وفاق أخلاقي بين الشعوب وتقديم معالجة تعاقدية للتهديد الذي تمثله الحرب على القانون الدولي وعلاقات التعايش السلمي بين الشعوب.

خاتمة

إذن، نخلص في نهاية هذا المقال إلى أن القانون الذي صاغه كانط له ثلاثة أبعاد: بعد متمثل في القانون المدني؛ هو الذي ينظم العلاقات بين الأفراد داخل الدول، والبعد الثاني مرتبط بالقانون الدولي إذ ينظم العلاقات المتبادلة بين الدول، وأخيراً قانون كسموسياسي ينظر إلى  الأفراد والدول باعتبارهم مواطنين ضمن دولة إنسانية كونية. وهذه الأبعاد مترابطة مع بعضها البعض حيث لا يمكن أن يكون هناك حق مدني بمعزل عن القانون الداخلي للدولة والقانون الكسموسياسي، إذ  يجب أن يقوم الحق المدني لكل ولاية على أساس دستور جمهوري. ويجب كذلك أن يقوم القانون الدولي على أساس اتحاد دولي حر، بحيث تتوافق مبادئه مع القانون الكسموسياسي الذي بدوره  يجب أن يضمن شروط  الضيافة الكونية. كما لا يمكن تحقيق هذه القوانين جميعها بمعزل عن الحرية والمساواة والاستقلالية؛ باعتبارهما حقوقاً يجب أن تضمنها جميع القوانين وتكفلها جميع الدساتير وهذه المبادئ الثلاث هي التي سيجعلها جون رولز أرضية لبلورة مشروعه ن أجل الوصول إلى مجتمع عادل يحكمه قانون الشعوب لا قانون الدول.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

  • ايمانويل كانط، مشروع للسلام الدائم، ترجمة عثمان أمين، ط2 (القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 2009).
  • جون رولز، قانون الشعوب، ترجمة محمد خليل، ط1، (القاهرة، المجلس الأعلى للترجمة، 2007)
  • عبد الرحمن بدوي، فلسفة القانون والسياسة، (الكويت: وكالة المطبوعات، 1979.
  • نيكولا ميكافيلي، الأمير، ترجمة أكرم مؤمن، (القاهرة: مكتبة ابن سينا، 2004).
  • عبد المجيد بلدي عثمان، “الحرب والحرب الأهلية عند توماس هوبس”، مجلة مشكلات الحضارة، 7، عدد 2، (2018).
  • توماس هوبز، اللفياتان : الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدلة، ترجمة ديانا حرب، ط1 (ابو ظبي: ودار الفارابي، 2011).
  • محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، “ماهو عصر الأنوار”، الفلسفة الحديثة نصوص مختارة، الطبعة الثانية، (الدارالبيضاء: أفريقيا الشرق، 2010).
  • هناء الخضيري، “فلسفة كانط السياسية”، كانط وأنطولوجيا العصر، الطبعة الأولى (بيروت: دار الفارابي، 2010).
  • عبد الحق منصف، كانط ورهانات التفكير الفلسفي : من نقد الفلسفة إلى فلسفة النقد،( الدارالبيضاء: أفريقيا الشرق، 2007).
  • ايمانويل كانط، نقد العقل المحض، (بيروت: مركز الإنماء القومي).
  • مصباح صالح، فلسفة الحداثة الليبرالية الكلاسيكية من هوبز إلى كانط، الطبعة الأولى،(الكويت: جداول، 2011 ).
  • أسماء عقوني، ابستمولوجيا الأخلاق عند كانط، الطبعة الأولى، (عمان: دار الأيام، 2019).
  • إمام عبد الفتاح إمام، الاخلاق والسياسة دراسة في فلسفة الحكم، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2001 )
  • هنس زندكولر، المثالية الألمانية، الطبعة الأولى، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2012).
  • أحمد يسار، مفهوم الفلسفة السياسية عند ايمانويل كانط، ص 257، مجلة مداد الآداب، ع 15 . https://www.iasj.net/ias
  • المراجع باللغة الأجنبية :
  • Charles covell, kant and the law of peace : a study in the philosophy of international law and international relations, (London: macmillan press ltd,1998).
  • Terry Nardin, Kant’s republican theory of justice and international relations, in International Relations 2017 Vol. 31(3) 357–372.
  • Immanuel kant, kant political writings,(Cambridge: university press,combridge 2010).
  • Harry van der Linden, “Kant, the Duty to Promote International Peace, and Political Intervention” in Proceedings of the Eighth International Kant Congress, Volume II / (1995).
  • Yves charles zarka & caroline guibet lafaye, kant cosmopolitique, (rabat: Edition de l’éclat, 2016).
  • Seyla benhabib, the rights of others, “on hospitality: rereading kant’s cosmopolitan right”,( 2004).
  • Pauline Kleingeld, “Kant ‘s cosmopolitan law : world citizenship for a global ” in kantian review, vol 2, ( 1998).
  • Immanuel kant, the metaphysics of morals, الج 1 Metaphysical First Principles of Right Right 1, cambridge university press , the united states of america 1991.
  • Immanuel kant, kant political writings,cambridge university press,combridge 2010.

 

 

 

 

 

 

 

* Emmanuel-Joseph Sieyès ولد القسّ والسياسي إيمانويل جوزيف سياس في فريجيس (Fréjus) جنوب شرقي فرنسا، في 3 ماي سنة 1748. يعد من أبرز المساهمين في صياغة “إعلان حقوق الإنسان والمواطن”، وفي بعث الجمعيّة الوطنيّة. وقد لعب دورا مهمّا في مجلس طبقات الأمّة سنة 1789، وهي السنة التي اشتهر فيها كتابه الذي حمل عنوان: “Qu’est-ce que le Tiers Etat ؟”،وجاء موضوعه حول مفهوم الشعب والسيادة الشعبيّة، واعتبر نصّا من أبرز النصوص المرجعيّة والمؤسّسة للثورة الفرنسيّة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.