حقوق الإنسان والعلمانية في الدولة العربية

0 21

حقوق الإنسان والعلمانية في الدولة العربية

أ . سامية الأغبري

العلمانية في العالم العربي موضوعا شائكا ومعطلا وموقظا للصراع بين التنظيمات الحزبية الثيوقراطية التي تسعى للسيطرة على السلطة باستغلال الدين وظيفيا، وبين السلطة السياسية التي تمارس دينا آخر للسيطرة على المجتمعات واستغلاله دينيا.

وبين صراع الثنائية الثيوقراطية السياسية والثيوقراطية الدينية المتسيسة لا يمكننا القول مطلقا بوجود العلمانية إلا من خلال أصوات فردية من داخل المجتمع.

أما المجتمعات فهي منقسمة بين ثلاثة أقسام النسبة الكبرى منها منقسمة بين الثيوقراطيتين، بينما تأخذ المنظمات الحصة الصغيرة من التأثير بسبب التشويه السياسي والديني لمفهوم العالمية.

فالعلمانية من جهتي أرى أنها تتعرض للاستغلال من قبل السلطة السياسية الاستبدادية، ومن قبل التيارات الحزبية الإسلامية التي تلتزم بقواعد الديمقراطية الغربية؛ والتناقض هذا واضحا بين السياستين، وتغيب فيها الشفافية، في الوقت التي يكتنفها الغموض، وعلى سبيل المثال نجد التحالف الحزبي الإسلامي مع الاشتراكية والقومية والعلمانية لإسقاط السلطة السياسية وهذا ما حدث بالفعل في مصر واليمن وسوريا خلال ثورات الربيع. وتحالف السلطة السياسية مع رجال الدين والسلفية والصوفية والفتاوى الدينية لمواجهة الثورات الشعبية العربية.

هذه المفارقة تظهر لنا مدى الضبابية والابتزاز الذي يضر بالحقوق الفردية للإنسان، والتي تبدأ أول حقوقه بوجود مقومات بقائه وحياته كوظيفة في اعتقادي دينية وسياسية.

في فرنسا نجد أن العمل والحياة للإنسان دون تمييز عنصري أو طائفي بل وتوجد محاكم خاصة بالتمييز العنصري واستغلال الدين والمعتقدات المجتمعية لتدمير كيان الدولة أو الإخلال بمبادئها.

لكن في المجتمعات العربية نجد الثيوقراطية الدينية والسياسية تمارس التهميش للأقليات والشعوب وحتى الحقوق الفردية التي تستهدف المرأة والطفل وهذا التناقض هو الذي أوجد مجتمعات نسوية سعودية تطالب بحقوقها الإنسانية في مجتمعات متناقضة تماما بين تدينها وتعاليمها الدينية.

وبالمثل في اليمن وسوريا والعراق وإيران التي تتقزم فيه الحريات والحقوق وحق التعليم والاختيار وحق الصحة والحياة في الوقت التي تمارس الثنائية سلطتها باستغلال الحاجة للطعام والدواء والمال للأفراد داخل المجتمع وتجنيدهم إعلاميا وعسكريا للصراع الدائر بين النقيضين وخلق العنف المضاد في الوقت ذاته يرفع الجميع شعار الحرية والمساواة والتنمية وحقوق الإنسان.

ولا شك أن هذا التناقض أوجد وعيا صاعدا لدى المرأة التي الآن تتشكل في تنظيمات مجتمعية للدفاع عن حقوقها وحقوق أطفالها تحت شعار العلمانية ولا يعني خروجها عن دينها وهويتها وقيمها وليست دعوة للسفور وأنا البس الحجاب في بلاد غربية واعتز به دينا وأخلاقا، ولكنها وسيلة ضرورية لتنظيف المجتمعات من الاستغلال الديني أو من التدين الوظيفي الذي أشار إليه الدكتور جمال في كتابه “المحددات السياسية”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.