العولمة والتكنولوجيا وحدت العالم و فرقة الأسرة

0 17

العولمة والتكنولوجيا وحدت العالم و فرقة الأسرة

 

د. نياز محمد فتاح

مدرس في جامعة سليمانية /كلية التربية الاساسية

في عصر العولمة نجد ظواهر قد تكون متناقضة و لها انعكاسات قد لا تكون لمصلحة الجميع, فنجد مثلا العلاقة بين الافراد واسرهم ليست كما كانت قبل, وقد لا تكون باختيار الفرد نفسه. فالأسرة تعتبر خلية رئيسة من الخلايا التي يتكون منها المجتمع, واهم مؤسسة من مؤسساتها التي تنتج و تربي افراد المجتمع،ومنذ زمن ليس ببعيد كانت الاسرة المسؤول الاول والاخير عن تربية الاولاد الى ان يستطيعوا تحمل المسئولية بانفسهم. واذا نظرنا الى صورة الآسرة القديمة نرى انهم كانوا المصدر الوحيد للمعلومات.

اما اذا  كانت مصدر المعلومة من خارج نطاق الاسرة كان يجب التاكد من صحتها عند الاسرة, مع هذا كانت الاسرة تحاول ولفترة طويلة توجيه الطفل من خلال المعايشة والاختلاط والاخذ والعطاء وتوجيههم  من خلال تجربة الحياة معهم, مثلا نرى ان قديما كان افراد الاسرة يجتمعون في مكان واحد لكي يستمتعون بالنظر الى التلفاز وبعد اختيار برنامج او مسلسل او فلم سينمائي كانت تدور نقاشات طويلة اثناء الجلسة وبعدها عن الموضوع وكان الرؤية تتوضح أكثر لدى الجميع.

ولكن الاسرة في يومنا هذا لا تقوم بمهامها كما كانت و العلاقات والحميمية بين افرادها ليست كما كانت,لان لكل واحد برنامج يومي مختلف عن الاخر و لهذا لايستطيعون مشاركة البعض في يومياتهم, واصلا هناك مجتمعات يفضل افرادها العيش وحيدين في شقق لا تتعدى مساحتها غرفة اوحديقة من البيوت القديمة. لهذا نجد ان مستوى تحمل الفرد في الماضي ومقاومته اقوى من تحمل فرد اليوم، لان مشاركة اعداد كثيرة داخل المنزل الواحد وفي عمر صغير كان يعلمه كيفية التعامل مع عدد من الاشخاص في ان واحد, ولكن الفرد الحالي حدوده مرسومة واختلاطه قليل حتى داخل اسرته لهذا نرى ان نسبة المشاركة والمقاومة قليلة لدى اجيال اليوم, ونجد ان الأشخاص يقضون ساعات اطول مع من هم بعيدين جغرافيا اكثر من الاوقات التي يشاركون فيه مع البعض كافراد اسرة واحدة.

  ويبقى السؤال الاخير هل هذه الطروحات ساعدت الانسان وكانت في مصلحته؟وماذا كسب وماذا خسر؟ والجواب نعم خسر الكثير لانه اصبح لديه الشعور الدائم بالانطواء والغربة وعدم التأكد من افكاره والشعور بأنه مجرد الة وفقد الشعور بالاختلاط مع اقرانه وهذا كان سببا في ازدياد نسبة الاصابة بالكأبة و الغربة، واذا نظرنا إلى نتاج البحوث نرى بانها تؤكد بأن الانسان كائن اجتماعي ولايشعر بالسعادة القصوى الا اذا اجتمع مع من مثله من البشر وهذا سر تكون المجتمعات الانسانية وهذا مايجعل قطعة الارض داخل المدينة اغلى ثمنا من قطعة الارض البعيدة عنها. فلذلك يجب ان تكون العولمة والتكنولوجيا من اجل السعادة البشرية و ليست العكس, واذا نظرنا الى الفرد الاوروبي نرى انه اذا وجد انسان حقيقي يتكلم معه و يستمع اليه يترك كل الوسائل التي تربطه بالعالم, ولكن مع الاسف نجد العكس داخل اسرنا حيث نرى ان الاب والام والاولاد موجودين مع البعض ولكن كل واحد يمسك بوسيلة يربطهم مع الغير ويترك من هم حوله! واولى به اذا تحدث معهم يستمتع بالحياة ويعبر عن ما بداخله بدون خوف في حال اذا كانت ارائه غير ناضجة او صحيحة و هم يساعدونه لكي يحسن رؤيته ولا يعملون له حجب او (بلوك) بالتعبير التكنولوجي !!!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.