العلمانية الإسلامية والعلمانية الغربية، النقد والنقد الآخر

0 17

 

العلمانية الإسلامية والعلمانية الغربية، النقد والنقد الآخر.

د. جمال الهاشمي

g.alhashimi@yahoo.fr

تتلبد وتتبلد على أرضيات الحياة السياسية والمجتمعية والدينية أزمة فكرية مصطلحية تتسمى بالعلمانية أججت الصراع بين متناقضات ثلاثية منذ عقدين من الزمان:

  • النظام السياسي وأزمة النخبة.
  • المجتمع وأزمة الوحي.
  • التدين وأزمة العقل.

هذه الثلاثية المتقابلة المولدة للأزمات تتناقض تناقضا متناميا مع الآليات والوسائل الكفيلة بحل الصراعية بين الأطراف الثلاثة.

وعند التعمق السطحي للمفهوم نعترف بأن العلمانية في منظومتنا الثقافية الإسلامية ليس من لغتنا المدركة الواعية بألفاظها ومعانيها وإنما هي دخيلة استوفدت من قبل جماعة تتلمذت على الكتب الإدارية والقانونية والتنظيمية الغربية وأصبحت مفهوما بالعرف الأكاديمي.

وهي لفظة غير قياسية بمعنى أنها لا تدخل ضمن القياس المتعارف عليه في اللسان العربي ونسبتها إلى لفظة عالم بفتح الحروف وسكون آخرها.

وهي بذلك تعتبر من المفاهيم الدنيوية تمييزا لها عن مصطلح عالم بكسر اللام وسكون الياء، والذي هو أسلوب منهجي يربط بين عالمين ويؤسس لهما وليس هو جزء منهما، وإنما ينسب إلى مفهوم مصدري آخر وأقصد مصدريا بمعنى نسبته المطلقة إلى الذات الإلهية، وفي مدرسة البصر المصدر أصل الاشتقاق كونه اسما يسمو على ما عداه، ومن ذلك تسمية الله نفسه العليم على وزن فعيل كونه مصدرا للتسمية، إذ العلم  صفة للكمال الذاتي وفيها كمال الصفة، أما  عالم فهو مفهوم يدل على الإحاطة بالشيئيات، ولهذا نقدم في مثل هذه المفاهيم الاشتقاقية بنيتها في التسمية كأصل، ومن ثم العودة إلى متطلبات التسمية التي توضح كنه التسمية وحالها. والفعل يجمع بين القصد (الإرادة) والمصادقيات المتولدة عنه على منهج المدرسة الكوفية.

ونجد الاختلاف بيناً بين المعنيين إذ أن الوعي بالعلمانية ينطلق من معايير منهجية سطحية ولتصحيح مسارات الصراع يجب على الخائض في مثل هذه المفاهيم ما يلي:

  • أن يكون عالما بعلوم الاستدلالات التجريبية والنقلية،
  • أن يكون عالما بمقاصدها الإنسانية والعالمية والعدلية.

حيث تتداخل المفاهيم هنا وحتى لا نخلطها سنحدد لها محاور أخرى لكي ينساب المفهوم بصورة رئيسية ولا أعني استقلاليته، أو تقريعه؛ لأن المفاهيم الإسلامية تشوه إذا استقلت عكس المفاهيم الغربية التي تتشوه اذا اجتمعت، وبذلك تكتمل المعاني الإسلامية بتداخلها، وأجد صعوبة كبيرة في تحريرها من القيود والمفاهيم الأخرى لأنني باختصار اتحدت عن الحضارة الإسلامية المعيارية وليس عن الدولة القومية أو القطرية أو الإثنية، وأرى أنه لا تكتمل الصورة الإسلامية إلا بهذا التصور المنهجي الذي أنطلق منه.

ولكي لا استمر في تهذيب مفهوم العلمانية الغربية بالرؤية النقدية فإنني أفضل استخدام مفهوم العالمية بدلا عن العلمانية كمفهومين يفسران بعضهما البعض، وذلك أن مفهوم العالمية أقرب إلى فهمي ومنهجي وحضارتي وقيمي، ولكم أن تجعلوها العلمانية بالمفهوم الغربي ولكننا سنتفق ونختلف في الاستدلالات السياقية والمدلولات القصدية، حيث أن الافتراق مع الاتفاق يعني النباهة في تحديد العوامل والفواصل بينهما وهذا موضوع يحتاج إلى دراسة منهجية عميقة ولا تُتناول مثل هذه الموضوعات السجالية في مقالات عابرة، والتي ينبغي أن تكون خلاصة لكتابات عميقة فاعلة.

كما أنني سأتطرق للعلمانية الغربية باختصار موجز، وسأضع تصوري على المعاني الكلية ولن أدخل في تفاصيلها الجزئية، وليعذرني القارئ الواعي على الإطالة والإيجاز معا؛ لأني لا أحبذ أن يكون القارئ قمعيا تقليديا يستهلك المدلول دون وعي بسياقاتها. أو ـأن يتأثر بالسياسة القائلة اكذب حتى يصدقك الناس، لأن هذا يتخالف مع مفهومنا اللفظي للخبر وهو الذي لا نستطيع القول بصدقه أو كذبه دون إثبات ذلك، فالدليل المطلوب على أحقر الأشياء من أبيك وعالمك يصنع الشخصية الواعية التي لا تقبل النقولات دون استدلالاتها.

وعلى أساس ذلك بني منهجنا على الإمساك في  مدونات الكتب المقدسة، ولا نكذبهم أو نصدقهم إلا بدليل يفند خبرهم أو يوافقه..

وعند رؤيتنا للعلمانية الدنيوية والتي تعني الفصل بين عالمين وفقا لمن استدل بنص خبري من الإنجيل،

نجد أن هذا الفصل المطلق يتنافى مع العدل كقيمة فعلية والقيم لإنسانية التي اجتمع عليه العقلاء،

وذلك أن العلمانية تتناقض مع مفهوم الخصوصية والحرية والحقوق والمساواة التي يستغلها الغرب كحاجة إنسانية لتحرير الشعوب من الاستبداد لأن سياستهم يعني التخلص من الخصوصيات الحضارية ودمجها في الخصوصية الغربية كمفهوم إنساني صنعته الكتب المقدسة، كما صنعت الإنسان الغربي المتفوق وحضارته المتفوقة، هذا على مستوى السياق السياسي والمجتمعي، وهي قضية أخرى تخالف قضية الصراع بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية.

إذا أن السياسات الاستعمارية لا تمكن الشعوب من حاجتها وإنما تستغلها حاجاتها لحاجتها الخاصة وباسم العلمانية تلغي الخصوصية الحضارية وتعمل على دمجها وتذويبها في ثقافتها الدينية أو العلمانية، وتمارس التقية السياسية لتدمير وسائل وأليات الحضارات الأخرى لمنع تمكينها مرة أخرى ولضمان أحادية الحضارة الغربية.

فالعالم الغربي يدافع عن حقوق الأقليات ويستغلها في الوقت التي يهدر فيها حقوق الأغلبية وهو بذلك يتناقض مع القيم الديمقراطية التي تعني قرار الأغلبية، والنظام السياسي الغربي يقف مع الاستبداد والأقلية الحاكمة انطلاقا من فلسفته الاقتصادية العلمانية أن المصالح الدائمة هي جوهر الفلسفة العلمانية الدنيوية.

فالعلمانية الغربية  مفهوم  إداري ينظم العلاقة  بين الإنسان كمعطى طبيعي وحاجاته الطبيعية، وقد تطورت هذه الفكرة عبر مراحل بيولوجية وفكرية وتاريخية حطت رحالها أخيرا في أنموذج السياسة الميكافيلية وطبقتها الفاشستية العسكرية الصريحة، و تحولت مع أمريكا وأوروبا إلى فاشستية سياسية ناعمة.

فالولايات المتحدة دولة دينية منذ نشأتها قامت على الفلسفة البروتستانتية الدينية التي تعني الفصل بين الكنيسة والسلطة لحماية الدين لضمان استقلالية الكنيسة وسلطتها المجتمعية، ومن خلال هذه السلطة المجتمعية عبر مفهوم الديمقراطية استطاع المتدينون البروتستانت السيطرة على السلطة السياسية الأمريكية، من خلال سياساته الناعمة، وبذلك تجاوزت أزمة الصراع الديني الكنسي السائد حينها في أوروبا الغربية.

أما مع العالم الآخر فتسعى النظم السياسية لفرض العلمانية بقوتها العسكرية والاقتصادية والثقافية لكي تتمكن من خلق الثقافة الصراعية بين السلطات السياسية والمتدينون في دول العالم، وترى أن العدالة  لا يستحقها الآخر لأنها خصوصية دينية وسياسية وتاريخية غربية،  أي أنها تمارس الدونية في علاقتها مع الآخر بشتى أنواع الدونية الثقافية من خلال سياستها في تغيير المناهج الدراسية، وفرض لغتها بوسائل السيطرة على الاقتصاد العالمي وربط احتياجات العالم بلغتها، وعلومها وتقدمها، وتمتهن الآخر بتأسيس جامعاتها ومدارسها بحرية مطلقة في كل دولة عربية، في الوقت التي ترفض مدارس الآخر داخل جغرافيتها إلا بما يتوافق مع سياستها التعليمية.

وامتهانيه اقتصادية بفرض قواعدها الاقتصادية واحتلال شركاتها وتحكمها بثروات الدول العربية المتربعة على هامشية العالم المعاصر. وامتهانيه سياسية لأنها تدافع عن الحكام الدونيين الذين يفتقرون للمشروعية والقيم الديمقراطية.

وامتهانيه لأنها تخترق السيادات القومة باسم حقوق الإنسان والمرأة والمفكرين التابعين لها والذين يدافعون عن قيمها وثقافتها وقوانينها ومفاهيمها بما تحمله من معتقدات وتقاليد وتاريخية غربية، تتناقض مع الخصوصيات الحضارية.

امتهانيه لأنها تستخدم المنظمات الحقوقية والدبلوماسية الشعبية لصناعة الثورات وتبرير تدخلها في شؤون الدول الهامشية وتطويل أمد الصراع والمعاناة الإنسانية أو تدمير المؤسسية والبنى التحتية كما فعلت في العراق وأفغانستان واليمن وسوريا وليبيا وفلسطين، وعلى الطريقة نفسها تسعى لتوسيع الفجوة بين النظم السياسية والشعب أو الأقليات الجهوية والطائفية في السعودية والمغرب والجزائر ومصر والأردن وموريتانيا وتركيا وباكستان وإيران، وهناك دول تنتظر أسوأ من مصير كان وأخواتها.

هذه الإشارات تؤكد لنا غياب العدالة العلمانية مع الآخر ونجاحها في الوقت ذاته على مستوى العلاقات المحلية داخل الدول الغربية، وذلك لأن طبيعة العلاقة بين السلطتين السياسية والروحية الأوربية متناقضة جدا لسببين:

  • أن السلطة الروحية سلطة إخبارية نفسية لا تمتلك قواعد تشريعية تسير المصالح الدنيوية وترعى المصالح الشعبية.
  • أن السلطة السياسية سلطة تشريعية في الأساس وهي سلطة عملية قانونية تنظم العلاقات الفردية والمجتمعية وعلاقة السلطة بالمجتمع من خلال التطوير الدؤوب لنظريات العقد الاجتماعي، هذه النظريات التي استطاعتا حل أزمة الصراع بين الدين والدولة باستحداث الفصل السلطوي بينهما في الوقت الذي فهموا معاني الدين الروحية، وحولوها إلى مفاهيم إدارية بالعقل، والخبرة.

أما في العلمانية (العالمية) الإسلامية فلا توجد سلطتين أبداً استنادا إلى مفهوم الخصوصية الحضارية الذي من خلاله نعالج أزمة العلمانية.

فالعالم الإسلامي يتكون من ثلاث سلطات:

  • السلطة السياسية ووظيفتها إدارية تنفيذية.
  • السلطة الروحية وهي سلطة مجتمعية أخلاقية وقيمية وتربوية وتعليمية ولا يحق لها مطلقا ممارسة العنف اللفظي والفعلي.
  • السلطة التشريعية ووظيفتها قانونية وإرشادية وتأديبية تمتلك قوة الإكراه العادلة داخل الدولة فقط وفقا للخصوصية الحضارية والدينية.

وتتفق عالميتنا وعالمنا لفظا مع العالمية الكاثوليكية، ولكنه يتميز عنها كون هذا المفهوم بالنسبة لنا جوهر وهوية تتشكل بهما قيمنا وثقافتنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وتندرج تحته عدة منظومات صالحة للاستخدام العالمي وكافة الجنس البشري، والكائنات الحية والعمران الحضاري؛ إذ أن العلمانية تعني:

  • المنظومة العدلية الإنسانية ومنشاؤها الرحمة ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”
  • المنظومة التجريبية وتُنشئها المصلحة “وعلامات وبالنجم هم يهتدون”
  • المنظومة العقلانية ” ومنشأها العقل ” ويعقلها إلا العالمون”.
  • المنظومة الأخلاقية ومنشأها الخشية “إنما يخشى الله من عباده العلماء”.
  • المنظومة الاستدلالية ومنشاؤها الدليل ” نبئوني بعلم أن كنتم صادقي”.

فالعالمية عندنا علاقة برزخيه بين عالمين، والبرزخ لا يعني الانفصال التام كما هو في العلمانية، وإنما يعني الاتصال واللقاء واحترام الخصوصية والاستقلالية والحرية على المستوى الفردي والمجتمعي والشعوبي والحضاري.

وإذا كان الغرب قد خاض تجربة الفصل انطلاقا من سيطرة الكنيسة على الفرد والمجتمع والنظام السياسي باعتبارها سلطة إلهية علياء تُخضع السلطة الزمنية وفقا لفلسفة اللاهوتي أوغسطينوس.

فإن الكاثوليكية ألغت قيمتها الروحية وتحولت إلى سلطة ثيوقراطية وانفصلت بثيوقراطيتها عن الآخرة وتماهت في الحياة الدنيوية، كما يفسرها معتقد الألفية، وبهذه الطريقة ارتبط الكنيسة بالمدنس وافترقت عن المقدس، وهذه التجربة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية هي التي شكلت مصطلح العلمانية المعاصرة.

وبالنسبة لي فإن العلمانية كمفهوم إداري مقدس تعرض للتشويه من قبل الحركات العقلانية والعلمية الأوربية أو الطبيعية والشيوعية المادية، حيث أرى أن العلمانية مفهوم لاهوتي مستدلا بنص من إنجيل العهد الجديد يقول فيه المسيح “ما لله لله وما ليقصر لقيصر”.

هذا الفصل بين العالمين مفهوم إداري في الأساس اقتضى تكامل البناء بين السلطة المجتمعية والمؤسسية، حيث يمارس العالم دوره في تنمية الأخلاق والثقافات الاجتماعية، ويدير المؤسسات القضائية. بينما يمارس السياسي دوره في إدارة التنمية الاقتصادية، وتحقيق الأمن، وحماية الدولة، ولا توجد لأي منهما سلطة مطلقة.

ويخضعان جميعا للسلطة الإلهية بالالتزام بنصوص التشريع الإلهي وهو المرجعية الدستورية للسلطين في حال التنازع بينهما، والهدف من هذا الفصل والربط والتكامل والضبط، تنظيم العلاقة لمنع الاستبداد السياسي أو الاستبداد الثيوقراطي.

وعندما قلت هذا فهو مقبول عقلا، وللنقليين أقدم الآيات الدالة على مقولتي بدلالات قرآنية صريحة جلية واضحة، لا تحتاج لتأويل متأول ولا تدليس مدلس مدع ينصب نفسه إلها أو يقوم مقامه في إذلال الناس وإفسادهم بالعنف والتدمير والصراع وكأن الله سبحانه في دعاوي القائلين بالعنف والقتال خلق الموت وجعله سببا للحياة، وكأنه خلق الموت قبل الحياة ولم يكن الموت عرضا للحياة والحياة أصل للوجود الدنيوي وأصل للوجود الآخروي الخاص بالإنسان دون الحيوانات الأخرى.

إن نظام الفصل بين السلطة الدينية المجتمعية والسلطة السياسية في العالم الإسلامي هو وصف وظيفي وليس فصل هوية وجوهر، إذ أن تعيين الحاكم في الإسلام يجب أن يكون مستوف للمعايير الشرعية وحامي لها ودونها وليس فوقها ومحتكم بها وليس حاكما عليها، وخادم لها وليس موظف لها أو متشرعن بها.

ونستدل بنظام الفصل لمحاججة التدين الذي يرفض المفهوم بإطلاق ونحاجج به المتأسلم الذي يحشد النصوص لتبرير هواه أو عجزه وضعفه كالمتأسلمون الذين استماتوا للدفاع عن الديمقراطية واعتبروها جوهر الشورى الذي هو جوهر في الإسلام.

قال تعالى “إن الله قد جعل عليكم طالوت ملكا” .. “وزاده بسطة في العلم والجسم” والعلم هنا يقصد به العلم بمصالح الدنيا ويتكامل مع بسطة الجسم لأن الإدارة حينها كانت عسكرية تعني تحمل المشاق والصبر وعقلية لأنها تحتاج إلى الذهنية السياسية والعسكرية في التعامل مع الظروف والتحولات الطبيعية والنفسية، الذي عين طالوت ملكا هو العالم العلوي بلسان نبي من بني إسرائيل، وهذه سلطة روحية، أما النبي فهو الذي ترجم القانون الإلهي ووضع القواعد المنظمة ويمثل السلطة التشريعية، أما الملك فيمثل السلطة السياسية.

ونستدل بدليل آخر قال تعالى “ّ وأذكروا نعمة الله عليكم إذا فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا” وهذا النص يتوافق مع نص الإنجيل “ما لله لله وما ليقصر لقيصر” ويعني نظام الفصل الوظيفي في إطار التكامل البنائي بينهما، فلا سلطان مطلق لفقيه ولا سياسي وإنما السلطة للتشريع لتنظيم العلاقة بين السلطة الروحية والسياسية وهي مدونة أحكاما وقصصا ومبادئ عامة.

وهذه التنظيم الإداري ليس موجودا في عالمنا الإسلامي المعاصر، إذا يغلب عليه سيطرة الثيوقراطية السياسية أو الثيوقراطية الدينية، حيث تمارس هذه الثيوقراطية استنزافا متصاعدا للدولة وأمنها وثرواتها واستقرارها واستغلالا عاطفيا للموارد الطبيعية والبشرية في قرارات فردية متأسلمة تتحيز في جيتيوهات حزبية وجهوية وطائفية منفصلة عن العالمية الإسلامية.

ونؤكد أن منتصف العلاقة الارتباطية بين العلمانية الغربية والعالمية الإسلامية تتمركز في العقلانية بينما يتناقضان في المبادئ التشريعية؛ فالغرب يستند إلى هويته الدينية أو التاريخية، بينما العالم الإسلامي ينضبط بهويته الدينية.

وأقول إن الصراع بين العلمانية الغربية والعلمانية الإسلامية سببه جهل أنصار الثيوقراطية الحزبية، وجهل تلامذة العلمانية السياسية بالأطر الفكرية للمفاهيم الإدارية والمبادئ العامة.

أما الصراع الثاني بين العلمانية الشيوعية والعالمية الإسلامية فهو صراع بين مبادئ التنظيم والحرية الإسلامية وبين تأليه الدولة والفوضى الاجتماعية المشاعية مع ثقافة الاستبداد السياسي العسكري وتناقضا في الارتباط بين المساواة والعدالة ومن ثم لا يوجد اتفاق بين المفهومين إلا إذا نظرنا إلى مفهوم المساواة من جهة الحاجة الإنسانية في الوقت التي تتناقض من جهة أخرى مع مفهوم الاستحقاق وفقا للنظرية العادلة، والموضوع برمته أكبر من أن يستوعبه مقالا ثقافيا ناهيكم أن يكون مقالا منهيجا.

آمل من القارئ الكريم أن يمارس سلطته النقدية بعد العلم والبحث والتقصي والاستدلال ليكون منصفا وعادلا ومؤمنا وحذرا ” وإذا قلتم فاعدلوا”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.