الخطاب الديني وتساؤلات الانثربولوجية
د. شيماء عبدالعزيز الشامي
عضو هيئة تدريس في كلية الاداب جامعة عدن تخصص فكر غربي معاصر
يجسد مفهوم الخطاب الديني في عصرنا الحالي منعطفا انثروبرلوجيا بالغ الأهمية في مسيرة التاريخ الفكري والثقافي والحضاري للإنسان فلقد أحدث مفهوم الخطاب رجة عميقا في بنيته الذهنية والمعرفية , حيث لم تعد العقلية المعاصرة تقتنع بأنماط الإجابات التي يقدمها مفهوم الخطاب .
كما يمثل الدين عاملا أساسيا في حياة الشعوب, وهو شكل من أشكال الوعي الاجتماعي يختلف مستوى تأثيره بالنظر إلى مستوى التطور الاجتماعي في مجتمع بعينه, وفيه يشعر الفرد بقوى متعالية تؤثر في أفكاره وسلوكياته وأفعاله, وكذا قيمه الخُلقُية والاجتماعية , ولكي يتواصل الدين مع أتباع يستعمل لغة خاصة لكي يؤثر فيهم , وتظهر تلك اللغة في الخطاب , الذي يستعمله الفعل الديني ويرتكز عليه.
لذلك يحتل الخطاب الديني مكانة عظيمة في الوعي الاجتماعي في بعض المجتمعات باعتباره الوسيلة الأكثر تأثيرا من الخطابات الأخرى , وذلك لما يمتلكه من آليات يصوغ بها النسق الفكري بين الأفراد , ويؤسًس بطرائقه الرابط الاجتماعي بينهم لارتكازه على تعاليم دينية مستوى تأثيرها أقوى من بقية الخطابات الأخرى للوعي الاجتماعي كالفلسفة والعلم, وتعاليمه تعًبر عن أوامر ونواهي وكذا أحكام , ممًا يجعل لهذا الخطاب سُلطة تؤثر في الأنماط الفكرية والاجتماعية لأفراد المجتمع .
ويتعدد الخطاب في الثقافة العربية الإسلامية بتعدد وتنوع الفضاءات التي تستخدمه وتحتويه. كما تهدف هذه الدراسة إلى إعادة النظر في موضوعات الخطاب الديني المعاصر وأولوياته، وأهمّية تحديد معنى التجديد نفسه ودلالاته وآفاقه ومحاذيره ولاسيّما حين يتّصل بقضايا دينية لا تنفصل بالضرورة عن قضايا المجتمع وهمومه والأزمات التي يمرّ بها. ولذلك فالعلاقة بين تجديد الخطاب الديني وقضايا المجتمع الراهنة علاقة وثيقة وتكامليّة، نظرًا لما يمثّله الدين من قيمة عظمى داخل المجتمعات الإسلامية، وما يرتبط بموضوعاته من قدسية يمنحها له الدين الذي يُمثّل محورًا أساسيًّا في تشكيل ملامح العقلية العربية، وتكوين الشخصية القومية في العالم العربي وقد أكّدت الدراسات العلمية أنّ الخطاب الديني قادر على تغيير الاتجاهات وتعديل السلوك، وإغناء الحياة أكثر من الخطابات الأخرى كالخطاب الإعلامي، أو التعليمي، أو الثقافي.. أو غيرها.
