مصطلحات الخطاب اللغوي العربي الحديث بين التأثر والتغيير

0 89

مصطلحات الخطاب اللغوي العربي الحديث بين التأثر والتغيير

د. إبراهيم عبدالله سويسي

كلية التربية طرابلس- جامعة طرابلس

تأتي أهمية المصطلحات كونها أداة للتواصل والتفاهم قديما وحديثا، ولذا صار التعامل مع المصطلحات واقعا فرضته اللغاتُ لمعرفة ما يدور من معارف وثقافات، وأحكام تتعلق بذات المعرفة التي يندرج في مفهومها ذاك المصطلح، وبالتأكيد فإن اللغة العربية من أولى اهتماماتها الخروجُ من جدلية المصطلحات والوقوفُ على مصطلح يجمع بين المعارف العلمية المشتركة، والمعاني المحددة بما يضمن سلامة اللغة واتساقها؛ وبذا صار لزاما أن يتأثر المصطلحُ ويتغير بما يرتبط من عوامل تلعب دورا هاما في تغييره؛ لذلك سأحاول أن أَحصُرَ ورقتي هذه في الحديث عن هذه العوامل التي أسهمت بشكل كبير في تأثر المصطلح الخطابي العربي، وذلك في عنصرين رئيسين هما:

الأول: عوامل أثرت على المصطلحات في الخطاب اللساني العربي الحديث استخداما.

الثاني: عوامل أدت إلى تغيير المصطلحات في الخطاب اللساني العربي الحديث.

نحاول من خلالهما معالجةَ المخاطر التي يترتب عليها التغيير والتأثير بما يضمن سلامة لغتنا والحفاظ على مُقَدَّرَاتِهَا وموروثاتها دون المساس بثوابتها.

ومن دون أدنى شك أن استخدام المصطلحات العربية الأصيلة في الخطاب اللغوي العربي الحديث أمر مهم؛ لكي يضمن استخدام اللغة بشكل دقيق وصحيح، وفي الوقت نفسه أمر ضروري للتواصل الفعال، واستخدامه  يساعد في الحفاظ على ثراء اللغة العربية وتعقيدها. كما أنه يساعد أيضا في الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب العربي، ويعزز مصداقية وموثوقية المعلومات المنقولة، ويظهر فهمًا عميقًا واحترامًا للغة وأصولها.

ومن هذه العوامل التي تؤثر على استخدام المصطلحات في الخطاب اللغوي العربي الحديث:

  1. العوامل الاجتماعية اللغوية: وتشمل السياق الاجتماعي، وخلفية المتحدث، والجمهور المستهدَف، فقد يتأثر استخدام بعض المصطلحات بالوضع الاجتماعي للمتحدث، والخلفية الثقافية.
  2. العوامل السياسية التاريخية: فالسياق السياسي والتاريخي يؤثر على استخدام المصطلح وعلى معناه، فبعض المصطلحات التي كانت تستخدم بشكل إيجابي قد يكون لها الآن دلالاتٌ سلبيةٌ بسبب الأحداث التاريخية أو التغيرات السياسية.
  3. العوامل الدلالية: قد يتغير معنى المصطلح مع مرور الوقت، بإضافة معاني جديدةً، أو حذفِ معاني قديمةً، فيمكن أن يتأثر هذا بالتغيرات في استخدام اللغة والتكنولوجيا والثقافة.
  4. العوامل العملية: قد يتأثر استخدام مصطلحات معينة بالرسالة المقصودة للمتحدث أو السياق الذي يستخدم فيه المصطلح فالمتحدث يستخدم أحيانا مصطلحًا للتأكيد على نقطة معينة أو لنقل معنَى محدد؛ فينبغي عليه حينئذ أن :” يبحث دائما عن الحلقة التي عدها كثير من الباحثين مفقودةً، وهي ربط التراث النحوي واللغوي العربي بالنظريات الحديثة وهذا يعد تأصيلا فوق كونه اعتزازا برصيد هذه الأمة”
  5. العوامل المعجمية: يمكن أن يؤثر تكرار المصطلح وتوزيعه داخل اللغة العربية على استخدامه، فمن المرجح أن يتم استخدام المصطلحات الأكثرَ شيوعًا أو المستخدَمَةِ على نطاق واسع في الخطاب، وإهمال مصطلحات أخرى.

وبشكل عام، فإن استخدام المصطلحات في الخطاب اللغوي العربي الحديث يتأثر بتفاعل معقد من العوامل، بما في ذلك العوامل الاجتماعية اللغوية، والسياسية التاريخية، والدلالية، والبراغماتية، والمعجمية، كما أنه يستخدم أساليب متنوعة تساعد اللغويين على فهم تعقيدات اللغة العربية وكيفية استخدام المصطلحات في الخطاب الحديث بشكل أفضل كدراسة بنيةِ ووظيفةِ الكلمات في اللغة العربية لفهم معانيها، ودراسة العلامات والرموز في اللغة العربية لفهم كيفية نقل المعنى .

العوامل التي أدت إلى تغيير المصطلحات في الخطاب اللغوي العربي الحديث.

يشير تغيير المصطلحات هنا إلى عملية تحديث أو استبدال الكلمات أو العبارات أو التعبيرات التي تعتبر قديمة أو غير دقيقة  في سياق اللغة العربية، يكون لها أثر في تغيير المصطلحات ، فتمت صياغة كلمات جديدة لوصف التقنيات الحديثة، مثل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، يمكن أن يساعد تغييرها في إزالة التعبيرات القديمة أو غير الدقيقة التي قد تكون لها دلالات سلبية أو لم تعد ذات صلة، وهذا يمكن أن يسهم في تطور اللغة العربية ويساعد على ضمان بقائها ولـ:” تدريس مصطلحات العلوم التجريبية بلغة غير لغتنا أثر  بالغ في مستوى التحصيل العلمي للطلاب والباحثين على السواء، ومرد ذلك كله إلى الجهل بالطبيعة اللغوية لها”، وباختصار، يمكن أن يسهم تغيير المصطلحات في اللغة العربية في نموها وتطورها وأهميتها من خلال إدخال كلمات وتعابير جديدة وحذف الكلمات القديمة أو غير الدقيقة، وذلك لوجود عوامل منها:

  1. التطور اللغوي: يمكن أن تتغير الكلمات والمصطلحات مع مرور الوقت بسبب التطور اللغوي، وهي عملية طبيعية لتطور اللغة فعندما يتم التحدث باللغة والكتابة والمشاركة، فإنها تتطور وتتغير لتعكس احتياجات وأفكار المتحدثين بها، “وعلى الرغم من إيماننا بتعذر تحديد قواعد تفصيلية، ودقيقة، وصارمة لطريقة اختيار المصطلح لمعنى محدد….. إلا أن ذلك لايعني إنكار سنة النمو والتطور التي يجب أن تخضع اللغة لها” يقول الدكتور فهمي حجازي:” وفي هذا الصدد يشير المحدثون إلى نقطة مهمة مفادها أن المصطلح قد يكون كلمة أو مجموعة من الكلمات من لغة متخصصة علمية – تقنية- موروثا أو مقترضا ويستخدم للتعبير بدقة عن المفاهيم وليدل على أشياء مادية محددة” ، فكان التطور المصطلحي في اللغة عاملا في التقدم، ومن هنا نعرف أن :”التطور الحاصل في المصطلح النحوي له صورٌ منها اختصاره بحذف كلمة أو كلمتين منه، أو بزيادة كلمة أو أكثر فيه، أو استبدال تراكيب بكلمتين، أو استبداله بكلمة أخرى…”.
  2. السياق: يمكن أن يتغير معنى الكلمة أو المصطلح بناءً على سياقه فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام كلمة “كلب” في سياق إيجابي أو سلبي، وسيتغير معنى الكلمة بناءً على السياق الذي تستخدم فيه. فعلى سبيل المثال قول أبي حيان التوحيدي، وهو يصف الصّاحب بن عباد:” وهو في كل يتشاكى… ويتفاتل، ويتمايل… ويخرج في أصحاب السماجات” .(17) لقـــد مرت كلمــــة (السَّماجـــات) على بعض القارئين غفــلاً عمـــا يراد بها، ظنــَّاً أن التوحيـــدي أراد بها:( القـُـبـْح)، فكأنه قـال:( أصحاب المقابح) اعتماداً على معناها اللّغوي، والحقيقة أنَّ( أصحاب السَّماجةِ)، هم حكـاة هُزالِيُّون مضحكون، أي ممثلون هزليون، ويعتمدون في فنهم على برقشـةِ ملابسهم، وغرابتها، وغرابة حركاتهــم، ولهم صـورٌ في ذلك، وعـرفـوا بهذا الاسم منـذ أوائـل القرن الثالث للهجرة، ومعنى هذا فإن:” المصطلح يؤثر في السياق لأنه يُسهم إسهاما في مبنى النص ومعنى الخطاب” .
  3. الثقافة: يمكن للثقافة أن تلعب دوراً هاماً في معنى الكلمات والمصطلحات، ويمكن أن يكون لها معاني مختلفة في الثقافات المختلفة، ويمكن أن تتغير معانيها بمرور الوقت مع تطور الثقافات.
  4. الاتصال اللغوي: يمكن أن يؤثر الاتصال اللغوي بين اللغات المختلفة أيضًا على معنى الكلمات والمصطلحات. عندما تتلامس لغتان، يمكن استعارة الكلمات والمصطلحات وتكييفها، مما يؤدي إلى تغييرات في المعنى، والعكس كذلك أي انعدام الاتصال اللغوي يؤدي إلى ضعف المصطلح انتشارا وتداولا بين أبناء الأمة الواحدة فيحدث التغيير والبحث إلى البديل
  5. التغيير الدلالي: التغيير الدلالي هو عملية يتغير من خلالها معنى كلمة أو مصطلح مع مرور الوقت. يمكن أن يحدث هذا من خلال عمليات مختلفة، مثل توسيع المعنى أو تضييقه أو تحويله، وهو اضطراب يؤدي إلى تعميق المشكلة في الدلالة كون معنى المصطلح غير محدد ومستقر بل متغيراً.

النتائج

1-         أن التأثر الذي يحدث في المجتمعات والثقافات المختلفة يؤثر تأثيرا مباشرا على التطور في المصطلحات والمفاهيم في الدرس اللغوي.

2-         أن استخدام أساليب متنوعة تساعد اللغويين على فهم تعقيدات اللغة العربية وكيفية استخدام المصطلحات في الخطاب الحديث بشكل أفضل كدراسة بنية ووظيفة الكلمات في اللغة العربية لفهم معانيها.

3-         يمكن أن يسهم تغيير المصطلحات في اللغة العربية في نموها وتطورها وأهميتها من خلال إدخال كلمات وتعابير جديدة وحذف الكلمات القديمة أو غير الدقيقة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.