مشكلات (التعليم والتعلم) المعاصرة

0 20

د. أسعد عبد الرزاق الأسدي

سأحاول تحديد أبرز مشكلات التعلم حسب تتبعي وتجربتي الشخصية, ضمن تخصصات العلوم الانسانية, بالقدر الذي يسهم في تشخيص مشكلات التعليم والتعلم على حد سواء.

يفرق المختصون بين التعليم والتعلم, فالتعليم هو العملية التي يقوم بها المعلم والتي تتضمن المنهج والاسلوب وطريقة العرض.., في حين يقصد بالتعلم ما يتحقق في الطرف الآخر من المتعلم, وما يتلقاه من معرفة أو مهارة, وثمة مشكلات تواجه (التعلم) وتلقي المعارف لدى أغلبية الطلبة في الواقع العربي, وعلى وجه أخص العراق, وقد لاحظت مشكلات ثلاث:

الاولى: بيئة التعلم, التي باتت تعاني عدة مشكلات, وتتضمن بيئة التعلم مكان التعلم ومكان الاستعداد للتعلم, بمعنى أن الطالب يعيش في بيئة لا تتوافق مع متطلبات التعلم, بيئة تفارق البيئات المنافسة للتعلم, والبيئات المنافسة للتعلم هي كل ما يشغل الشباب من أماكن الترفيه وحتى وسائل التواصل الاجتماعي, فالفارق بين البيئتين ينعكس سلبا على الطالب, فعوامل الجذب التي تمتلكها البيئات المنافسة لا تتوفر في بيئات التعلم سواء في المؤسسة التعليمية أو في المنزل, وبيئة التعلم لم تكن بمستوى يحقق الرغبة لدى الطالب في مواصلة التعلم.

إن الحل المقترح والأولي لهذا المشكلة يتلخص في لاستعانة بمنظومة تعلمية على الواقع الافتراضي تجاور ما يعيشه الشاب من اندماج شبه تام مع وسائل التواصل الاجتماعي.

والمشكلة الثانية التي تواجه التعلم هي التحول في طبيعة الهدف من التعلم, فطلب العلم بعد أن كان لأجل ذات العلم وتطور المعرفة لدى الفرد أصبح العلم يطلب لغاية أخرى قد تنافي غاية العلم في بعض الأحيان, وهي الغاية التي تنحصر في تحصيل الوظائف والأعمال في زمن تتفاقم فيه البطالة.

والحل المفترض والأولي لتلك المشكلة هو محاولة بناء تصور صحيح وناضج عن أهمية العلم, عبر وسائل تنموية هادفة يجريها المختصون, ببرامج تنموية معدة لأجل هذا الغرض تعمل على إعادة صياغة الأنموذج الأمثل لشخصية الفرد وما ينبغي أن يكون عليه من مستوى معرفي.

الثالثة: انغلاق المعرفة, وفقدان الحرية في التعلم, وعدم توفر المساحات المفتوحة أمام الطالب في اختيار تخصصه ومجال اشتغاله العلمي, وحتى على مستوى المصادر والمناهج, التي يضيق على الاستاذ والمعلم أحيانا في الالتزام الحرفي بمفردات منجية محددة ومصادر معدة مسبقا, ليكون الاستاذ والطالب ملزمين بنسق معرفي محدد, لا يمكن تجاوز مداه أو استبداله بمستوى أحدث, وحل هذه المشكلة إنما يكون عبر تطوير أنظمة التعليم واعتماد النمط المفتوح على مختلف المصادر والمناهج, حتى تصحب عملية التعليم والتعلم حرية بنسبة مدروسة وعدم فرض مناهج قديمة وبالية على الواقع العلمي المعاصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.