كورونا اليمن بين بيروقراطية الصندوق والأزمة الإنسانية

0 23
تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو 20200617_223525-1.jpg
د. جمال الهاشمي

د. جمال الهاشمي

الصراع في اليمن صراع على المسؤولية وخدمة الشعب أم  الصراع على الصندوق الجباية؟ ، إن استمرار الحرب والصراع إلى ما لا نهاية في ظل انتهازية المشاريع المهمشة اجتماعيا برعاية دولية أو إقليمية ينم على أن الوباء المتأصل لدى هذه المكونات الحزبية والطائفية ليست إقليميا وإن كان جزء منه وإن وباء الصراع على الجباية والإدارة  والصندوق، والتسول بالشعب وإهانة شعب بهوان مسؤوليه.

منذ أن تشكلت الحكومة الشرعية كان في أول أطروحاتها أن لديها مشاريع خاصة بعيدة عن السياسة والصراع العسكري، وكأنها حل وسط لأحياء ثقافة التنمية والتعليم ورعاية المؤسسات الصحية وتوسيعها وبدت أنها قادرة على تحييد المجتمعات عن الصراع من خلال رؤية تجريدية عن وسائلها الإجرائية. ومضت كغيرها من الحكومات متنقلة على صفحات الإعلام واللقاءات المتلفزة وخطابات الوهم المظلم بثقافة المنقذ المستنير.

ولا أخالني متعديا إن قلت أن الحكومة لم يكن لديها مشروع مؤسسي يترجم التصريحات إلى واقع وليست أكثر من حكومة الصندوق الخاضعة لطموحات انتهازية ، كغالب  الثقافات الإدارية السائدة في دول البلدان المتخلفة

وإن من الهوان أن تكون مسؤولا متجردا عن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، أو تدعى المقاومة وأن تحتجب بالضعفاء والمساكين  وتعيش في غدق على معاناتهم، فالحكومة التي تتنعم على أوجاع شعبها وتتسمن على أنين آلامهم ليست أكثر من قاطع طريق في صورة مسؤول كريم ، حيث تشير الإحصائيات المحلية إلى غياب  التعليم وغياب الإرادة المجتمعية ومنظماتها التي لم تنتج حتى الآن مشاريع إنقاذ ذات صبغات محلية ككيان اجتماعي فاعل لا تعوقه السلبية السياسية والعسكرية.

إن المجتمع اليمني مجتمع يرى التوجع عارا ويكتم آهاته   بأوجاعه ومجتمع فقد الثقة بشرعية المتغلب الجابي وشرعية المتسول الراتع ، تلك القوى المتصارعة التي كانت تعيش وراء استجداء الإرهاب والطائفية التي لم تكن حتى صيرتها كائنا، واستخلقوا الصراع لمصالح فئوية جهوية يذهب ضحيتها المجتمع في ظل انقسام قائم بين طبقتين طبقة المثثف المسؤول أو طبقة الثروة،  وطبقة الرعية المستغلة والمستضعفة من قبل هذه المشاريع الجزئية.

ومما يثير الحزن أن تتعاظم المعاناة لدى شعب كتوم بطبعه أبي بأنفته مع انتشار وباء كورونا في ظل تباطؤ المؤسسات الصحية، بعد أن بلغت الجهات المختصة من قبل الطبيب المسؤول عمرو التركي طبيب الطوارئ في عدن، بينما تلقفت المؤسسات الإدارية في وزارة الصحة الخبر في فلسفة تثير الاشمئزاز كنوع من أساليب الابتزاز وانتظار أمر سيادة وزير الصحة.

هذه السلبية تعكس سلبية القيادة السياسية ورئيس الحكومة الذي اختار مساعديه من الوزراء على غرار آليات الطريقة التقليدية القديمة التي لم تعد ذات قيمة في ظل تطور مفاهيم الإدارة، الإدارة التي تعني ابتعاث التنمية وترشيد الانفاق وتعيين الأولويات. لا نستطيع أن نحمل رئيس الجمهورية كل ما يجري فهو يمتلك سلطة لفظية وليست لديه سلطة فعلية ولكن يؤخذ عليه استمراره وتمسكه بالسلطة إذا كان من الواجب أن يعتذر من الشعب ويقدم استقالته في أقل ما تدعو إليه المرؤة الإنسانية وحفظ الذات وإحياء لثقافة المسؤولية والاعتراف بالفشل.

سبق أن تبنا في مقالات سابقة أن أولوية الإنفاق الحكومي يجب أن يكون مبنيا على دراسة علمية إدارية ومنهجية وأن يكون للحكومة مداخل تنموية أخرى ليس بتواكلها على المعاونات الخارجية باتكالية كلية وإنما كان يجب عليها صناعة الثقافة القدوة وفتح مجالات التنمية المحلية في المناطق المحررة واعتماد سياسة التغذية الذاتية

سبق وأن عرضنا على السلطات وجهات مسؤولية بإقامة دراسات تتعلق بكيفية الإدارة وكيفية تنميتها ومعالجة الخلل ووجدنا الحكومة تمارس ثقافة الإمبراطورية في توسيع  التعينات الددبلوماسية السلبية  والإنفاق على المؤتمرات السطحية دون التفاتات إنسانية لمعانات الشعب الذي ظهرت فيها الأمراض النفسية والعضوية كسلسلة من الخطط الممنهجة  لحكومة ومكونات صراعية تعيش خارج نطاق الإنسانية .

لهذا ندعو الحكومة الموقرة  والسلطة الشرعية لمعرفة دورها ومسؤوليتها وكيفية تحقيق الإدارة الناجحة ليس في توفير أجهزة التنفس الصناعي وإنما في التدابير الوقائية قبل ظهور المرض وانتشاره، وأن يكون رئيس الحكومة اليمنية في مقدمة الصفوف لمعرفة المعاناة الشعبية وأن يتخذ من رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون ويكون لديه جزء من ثقافة المسؤولية الجونسونية ولن نكلفه بممارسة الثقافة العمرية العدلية التي كانت جزء من ثقافتنا التكوينية المدرسية والجامعية

ليستمر الصراع ولتغلق الحدود ويبقى التعليم للجيل القادم بعيدا عن اللوثات الفكرية القائمة واحترام كيان الطفولة وحاجاتها ورفع الجباية واستغلال التجار بأقوات الناس وحاجاتهم ولتبقى الصحة كضرورة إنسانية مجانية.، إن الحكومة التي تحكم شعبا بعيدا عن رقعته وجغرافيته  غير مرغوبة وإن الحزبيات التي تدير الصراع بالتضحية باحتياجات الشعب وإجبارهم على التجنيد تحت ظروف الحاجة والاختيار بين الموت الجماعي بالجوع والمرض أو الموت في الصراع لإنقاذ بقية أفراد العائلة، و دون معرفة الغاية من الصراع  من الصراع ونتائجه وفترته

ولا شك أن قرار الحرب كان كقرار الثورة مبني على عشوائية مطلقة دون اعتبارات النتائج وكأننا سيول أمطار تتدفق كشلالات ليس لها القرار في تحديد مجاريها ولا محطات النهاية .

،  إن الحرب العالمية لم تستغرق الفترة التي استغرقتها حرب اليمن ضد جماعات انقلابية صغيرة ، ولن يحل الصراع إلا باتفاق القراصنة على اليمن وتقسيمها إقطاعيات بعبيدها  تقسيم الأرض والإنسان بين مكونات الصراع والنفوذ، ولو ترك القرار للشعب لاختار  خياراته  الصابئة بعيدا عن مكونات الصراع القائمة، ولكننا نؤمن بأننا في صراع قوى محلية ودولية بأدوات محلية لم ترتقي لمستوى المسؤولية والتكليف والأمانة والوطنية والثقافة التنموية الإدارية الناجحة في فترات السلم ، أما  في أزمتها المعاصرة فنلتزم الصمت ولعل الله قد أنصف الجميع بوباء يساوي بيننا في الموت إن لم يكن لنا نصيبا في المساواة الحياتية.

أما ما يزيد المعاناتة أكثر أن تتسابق المنظمات المدنية  للاسترزاق من حالات الكورونا كسلوك متشابهة مع سلوكيات الحكومة الموقرة، فهل تستطيع الحكومة أن تدير على أقل تقدير  بعد تخليها عن واجبها وفشلها في إدارة مشاريعها الوهمية من إدارة وترشيد صدقات العالم بعبدا عن المنظمات التي مارست عمالتها باسم حقوق الإنسان في عهد الرئيس السابق، تمارس اليوم نفس الأسلوب لكن بموت الإنسان “وكلكم راع ومسؤول عن رعيته”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.