الفلسفات التربوية ونظرتها للمعرفة والتربية و دورها في المناهج وطرائق التدريس ودور المعلم والمتعلم فيها

0 19

د. ايثار عبد المحسن المياحي

تعد المدرسة المؤسسة الاجتماعية التي أنشئت بواسطة المجتمع لتنوب عنه في تربية النشىء بالصورة المرغوبة و بأسلوب منظم ومقصود والمدرسة على هذا النحو لا يمكن أن تقوم بدورها إلا بواسطة مجموعة من المناهج التي تكون في مجملها تلك الصورة المرغوبة للعملية التربوية التي يريدها المجتمع، تحقيقاً لأهدافه العامة ، واستمراراً لوجوده فاعلاً مؤثراً في تيار الحياة الإنسانية.

ولما كانت المناهج هي وسيلة المدرسة الأساسية التي يحدث بها التغيير المنشود في سلوك أفراد المجتمع، لذا فإنه يجب أن تقوم عملية بناء المناهج على أسس تربوية واضحة المعالم لكي تقوم المدرسة بواجبها الأساسي نحو إعداد النشىء للحياة بصورة متوازنة عبر الأجيالومن الجدير بالذكر أن علماء التربية قد تناولوا أسس بناء المناهج بكثير من التفصيل تحت عناوين  وتقسيمات متعددة . ويمكن تصنيف هذه الأسس وعرضها على النحو التالي :

أولاً : الأسس الفلسفية للمنهج.

ثانيًا : الأسس الاجتماعية للمنهج.

ثالثًا : الأسس النفسية للمنهج.

وقد يكون من المفيد هنا التنويه إلى صعوبة فصل هذه الأسس عن بعضها البعض لأنها تتداخل وتتكامل لتشكل في النهاية إطاراً عاماً يمكن الاسترشاد به في عملية بناء المناهجومن انواع الفلسفات التربوية هي :

اولا : الفلسفة المثالية :

  تعود هذه الفلسفة الى ( افلاطون و كانت وهيجل وديكارت ) في العصور الحديثة وتعد من أقدم الفلسفات وأكثرها انتشاراً وقبولاً حيث إن هذه الفلسفة تغلب جانب الروح وجانب العقل على الجانب الحسي ، والإنسان بصفة عامة دائماً يشعر بالحاجة إلى الرجوع إلى جانبي العقل والروح ، كما أن الفلسفة المثالية هي أقرب الفلسفات إلى الأديان وينظر اليها على أنها فلسفة الأفكار المثالية والأفكار الميتافيزيقية أو أفكار ما وراء الطبيعة أو الأفكار الغيبية ، فهي فلسفة تتناول ما يمكن أن يدركه العقل في عالم آخر لا يمكن إدراكه حسياً وإنما يدرك فقط عن طريق إعمال العقل والفكر بعيداً عن عالم الواقع المحسوس، فهذا العالم الآخر هو عالم المثاليات التي يوجد لها صور غير مكتملة المعاني، فهي مجرد أشباه لا ترقى لمستوى ما يوجد في العالم المثالي من حقائق ثابتة مطلقة.

والجدير بالذكر أن كلمة (المثالية) تعني حقيقة ما يمثله هذا اللفظ فهي تتحدث عن قيم وأفكار وأشياء مثالية لا توجد إلا في عالم مثالي أما ما يوجد في العالم المحسوس الواقعي الذي يعيش فيه الناس فهي مجرد صور أو حالات أشباه لهذه المثاليات وبناء عليه فكلمة المثالية هنا تعني المثل والحقائق المطلقة الثابتة التي لا تتغير والتي تمثل حقيقة وجوهر الأشياء فعلى سبيل المثال يرى(أفلاطون) مؤسس هذه الفلسفة أن الأشياء أو الموجودات المحسوسة ليست إلا مجرد أشباح وظلال للمثل,ومن التطبيقات التربوية للفلسفة المثالية اذ اهتم أصحاب الفلسفة المثالية بتربية الطفل تربية متكاملة، وذلك من خلال برنامج لتنمية العقل و الجسم معا لإعداد هل لحياة في مجتمع مثالي، كما يهتم البرنامج أيضاً بتقوية النوازع الأخلاقية وتهذيب الوجدان إلى جانب تقوية الأجسام وتنميتها، كما يهتم أصحاب الفكر المثالي بالتربية الأسرية التي تحدث في المنزل، فالأسرة هي البيئة القادرة على تنمية الطفل في النواحي الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية وغيرها.كما اهتمت التربية المثالية بقدرات واستعدادات الفرد هذا بالإضافة إلى الاهتمام بمواهب وميول الفرد ,واهتمت أيضاً الفلسفة المثالية بأن يبذل الفرد الجهد من أجل تعليم نفسه وذلك من خلال المناقشة والحوار مع الآخرين للوصول إلى الحقيقة والحصول على المزيد من العلموتجدر الإشارة إلى أن الفلسفة المثالية تهدف من تربية الطفل إلى تنمية العقل وتدريبه على إدراك الحقائق العليا فالتربية المثالية تساعد الفرد على تنمية التأمل والتحليل والتفكير في الحقائق العليا، المجردة كما أن التربية المثالية لا تهدف إلى تربية كل الناس، وإنما تهدف بالدرجة الأولى إلى تعليم القلة أو الصفوة التي يتوقع منها في المستقبل إدارة الحكم وتصريف شئون المجتمع بصورة جيدة، ولهذا فالتربية التي تليق بالصفوة هي تلك التي تعمل على تنمية عقولهم، والعمل الذي يليق بالصفوة هو التفكير في الخير لأنه هو طريق للسعادة الحقيقة التي تأتي عن طريق التفكير والتأمل لا عن طريق العمل اليدوي أو التدريب العملي.

وبالنسبة الى الفلسفة المثالية والمنهج والكتاب الدراسي اذ تنظر هذه الفلسفة للعالم المادي نظرة ازدواجية وانه ليس واقعاً مطلقاً ومستقلاً عن الانسان اما بالنسبة الفلسفة لنظرتها الى المعرفة والتربية والتعلم اذ المعرفة وفقاً لها مستقلة ولا يتم اكتسابها الا بأستخدام العقل والتفكير يتم عن طريق احتكاك العقول بعضها ببعض و ان التعلم يجب ان يوجه لإفادة العقل والمعرفة النظرية افضل من المعرفة التطبيقية و وظيفة التعليم تتمثل في توليد المعرفة واهتمت هذه الفلسفة بالتربية القائمة على الدين والعلوم التجريبية واهملت حاضر المتعلم ومستقبله , ويهتم أصحاب الفكر المثالي بالمنهج الدراسي والكتاب المدرسي، وهم يؤكدون على ضرورة الاهتمام بالفن والموسيقى والأدب والرياضيات والعلوم، إلا أنهم يرون أن محتوى المنهج أو الكتاب المدرسي ليس على نفس الدرجة من الأهمية التي يمثلها الهدف من تدريسه، فالقيمة الحقيقية للمنهج تتضح في درجة فهم الإنسان للعالم والعمل على جعله قريباً من الكمال والمثل , ويؤكد المثاليون على أهمية الرياضيات في التعليم وتنمية القدرات العقلية للتلاميذ حتى يستطيعوا أن يكونوا أكثر قرباً من فهم وإدراك حقيقة المثل والمنهج الذي تؤمن به الفلسفة المثالية منهج ثابت غير قابل للتطور و يتم نقله من جيل الى جيل ويتألف  هذا  المنهج  من مواد دراسية منفصلة  كالدين  والتاريخ  والفلسفة والادب والرياضيات وغير ذلك من المواد , اما الفلسفة المثالية و دور المعلم وطرائق التدريس فتستخدم طريقة التلقين وطريقة الالقاء في معالجة الموضوعات الدراسية وحشو ادمغة الطلبة بالحقائق المطلقة وتؤمن باستعمال وسائل العقاب البدني من اجل المحافظة على الهدوء والنظام في الحجرة الدراسية وتدريب كل من ملكة الصبر وملكة الارادة لديهم وان  المعلم هو المصدر الوحيد للمعلومات والقدوة لطلابه , وعلى المعلمين ان يكونوا نماذج  للحق والفضائل الاخرى وعليهم تحقيق النظام  دون تجاهل للميول والامور الذاتية كجوانب مهمة في عملية التعلم .

وبالنسبة لأساليب وطرق التعليم :تعد أساليب وطرق التعليم انعكاساً واضحاً للفكر المثالي الذي يركز على تنمية العقل، ومن ثم الاهتمام بالدراسات النظرية والنشاط المكتبي، ولذلك فهم يهتمون بأسلوب المحاضرة والمناقشة والحفظ والتذكر والاسترجاع، فالتعليم المثالي يقوم على التدريب بأسلوب الإلقاء، حيث يلقي المعلم الدرس على مسامع تلاميذه. وعليهم الإصغاء له وفهم ما يلقيه عليهم ثم حفظه ثم استرجاعه عند الامتحانوهذا يعني أن أصحاب الفكر المثالي لا يميلون كثيراً لطريقة النشاط، ومع ذلك فهم يؤكدون في طريقة التدريس على نوع خاص من نشاط التلميذ وهو النشاط الفكري والعقلي، إنه النشاط الذي يتمثل في المناقشة والحوار والجدل واحتكاك عقل التلميذ بعقول غيره وخاصة عقول المعلمين. ولهذا فهم يرون أن الأسئلة في الدرس لها أهميتها إنها تقود التلاميذ إلى التوصل إلى المعرفة وفهمها. كما أنهم يؤكدون على أهمية إثارة دافعية التلاميذ للتعلم وذلك بأن يجعلهم يفكرون في إيجاد حلول وتفسيرات لبعض المعارفوبالنسبة للفلسفة المثالية ونظرتها للنشاطات اللاصفية والمشاركة الجماعية اذ لا ترى هذه الفلسفة اية اهمية لأنواع الانشطة التي تتم خارج الحجرة الدراسية في المنهج المدرسي , لأنها لا تخدم العقل او التفكير, ولا تؤمن بالمشاركة الجماعية   في رسم المشاكل التربوية ولا تهتم بأجتماع الآباء والمدرسين وكمثال تربوي على الفلسفة المثالية اذ تتوجه المدراس الثانوية الدينية الخاصة كالمدراس البروتستانتية نحو المثالية عن طريق مطالبها التي تركز على المستويات العالية من الانجاز العقلي كما مشهورة بالإعداد الجيد والمتميز للطلاب من اجل التحاقهم بالجامعة وذلك عن طريق ممارسة الشعائر الدينية يومياً و دراسة الكتاب المقدس . وتتم المحافظة على النظام عن طريق استخدام الحراسة المسلحة , كما يستخدم فيها الطرد المؤقت من المدرسة او الفصل النهائي منها كأساليب عقاب وفي الوقت نفسه تفتخر المدرسة بخريجيها الذين يلتحقون المهن المختلفة داخل البلاد وخارجها من اجل نشر الوعي الديني وخدمته دائما .

الفلسفة الواقعية:

تعود افكار هذه  المدرسة  الى الفيلسوف ( ارسطو و  ابن  سينا  والفلاسفة الاوروبيين بعد عصر النهضة امثال ( فرانسيس بيكون و جون لوك و ديفيد هيوم و جون ستيورات مل) .

 تنظر الفلسفة الواقعية العالم المادي له  على انه ذلك العالم الفيزيقي او الطبيعي الذي يشتمل على الحقائق جميعهاويطلق مفهوم الفلسفة الواقعية على تلك النظريات التي تجد في العالم المادي أو عالم الأشياء المادية المحسوسة وفي تصوراتنا وخبراتنا عن تلك الأشياء لفهمها أمراً حقيقياً وواقعياً، وتفسير ما يتعلق به من قضايا، وهي بذلك لا ترى حاجة لافتراض عالم آخر ميتافيزيقي غير محسوس ومستقل أو منقطع عن الواقع المعاش، وذلك للبحث فيه عن الحقيقة، وهو ما افترضته الفلسفة المثالية فيما أسمته عالم المثل.

ان نظرة الفلسفة الواقعية بالنسبة المنهج و المعرفة والتربية والتعلم اذ تهتم هذه الفلسفة بالمعرفة الطبيعية نظراً لان العقل وفقاً لها يتلقى المعلومات من العالم ويمكن اكتشاف المعرفة وتلقينها للصغار بطريقة منظمة وتهدف التربية  الىاعداد  الفرد  لتقبل حظه المكتوب له ومساعدته على التكيف مع بيئته وبالنسبة المنهج الذي تؤمن به الفلسفة الواقعية يتكون من مجموعة حقائق اكتشفها الافراد من  العالم الواقعي الذي يعيشون فيهمكونات محتوى المنهج تبقى ثابتة وهي تتألف من العلوم والرياضيات والعلوم الاجتماعية وبالإضافة الى التعليم المهني والتركيز على المواد الدراسية التي تبحث في الظواهر الطبيعة الاهتمام بدراسة الاشياء الواقعية و بعالم الافكار والاعتماد على اسلوب التجريب والاستناد الى الشواهداو الادلة  ليتم تحليلها بالعقل وان الفلسفة الواقعية ودور المعلم و طرائق التدريس والاهتمام بمحتوى التعليم اكثر من الاهتمام بطريقةالتدريس والاهتمام بالمواد الدراسية اكثرمنعنايتهم بشخصية المتعلم  وان دورالمعلم يتمثل في تقسيم موضوع الدرس الى عناصره الاساسية وتحديد وتكرار المثير والاستجابة لكل منها وتقديمها للطلاب بطريقة تجعلهم يستجيبون الاستجابة الصحيحة للمثير المحدد ويكون المعلم حيادياً وحريصاً على الدقة ويعمل على مكافأة الطلاب كلما قاموا بالاستجابة الصحيحة ويفضل استخدام الآلآت التعليم ونظام التعليم المبرمج.

وبالنسبة للفلسفة الواقعية و النشاطات اللاصفية والمشاركة الجماعية تنظر هذه الفلسفة الى الوان النشاط اللاصفي على انها غير اساسية ومحددة وليست ضرورة من ضرورات المنهج المدرسي.

الفلسفة البراجماتية او النفعية و المنهج:

تنظر الفلسفة البراجماتية الى العالم المادي له بأنه نسبي وفي حالة تغير مستمر كما ترى طبيعة الانسان متكاملة الفلسفة البراجماتية ونظرتها الى المعرفة والتربية والتعلم وترى هذه الفلسفة انه لا معنى للتركيز على المعرفة المطلقة وتنظر للمتعلم على انه فرد يمر بخبرات كما انه مفكر ومكتشفوا الاهتمام والفضول لديه يدفعانه  الى التعلم  وترى أن التربية في عملية تطور دائم مما يتوجب على المربين ان يكونوا مستعدين  لتعديل المنهج المدرسي في ضوء التغيرات التي تحدث في المعرفة وفي البيئة وبالنسبة للمنهج الذي تؤمن به الفلسفة البراجماتية اذ يتمركز المنهج المدرسي حول المتعلم المنهج الدراسي يحتوي على الخبرات والدراسات الاجتماعية والمشروعات والمشكلات والتجارب بصورة وظيفية و تساعده على الاكتشاف والممارسة العملية وربط ما يدرسه المتعلم بالخبرات التعليمية التي يمر بها وبحياته اليومية والبيئة المحلية المحيطة به .اما نظرة البراجماتية ودور المعلم و طرق التدريس اذ تؤكد على عملية استقصاء وبحث بدلاً من استيعاب المعلومات بصورة سلبية عن طريق التلقين او الحفظ و ينظر المعلمون الى انفسهم كوسائط للتعلم درجة اكبرمن كونهم مجرد ناشرين للحقائق او ناقلين لها وان المعلمون يقدمون حلولاً جاهزة من اعطاء المتعلم المادة الدراسية كي يستخدمها بنفسه في مواجهة موقف ما او حل مشكلة معينة وتنمية الاستبصار والفهم والمهارات الضرورية اللازمة لتحقيق التفكير الابداعي للمتعلم.

ان نظرة الفلسفة البراجماتية و النشاطات اللاصفية والمشاركة الجماعية حيث تعد مهارات تحديد القضايا وحل المشكلات والاستقصاء والبحث العلمي من بين اهم انواع الانشطة التي لها قيمة كبرى في عملية التعلم والاهتمام بالوسائل التعليمية والتجارب العملية التي تحقق حدوث التربية الفعالة ويعد منهج النشاط احد التنظيمات المنهجية المهمة .وكمثال تربوي على الفلسفة البراجماتية توجد مدرسة ابتدائية خاصة في إحدى المدارس الامريكية, ولايتم فيها تقديم الموضوعات الدراسية لمجرد انها موضوعات مهمة في ذاتها لكونها مفيدة للتلاميذ وذلك من منطلق ما تؤكده تلك المدرسة على الفكرة القائلة اذا كان الشيء الذي نقوم بدراسته غير مفيد فأن التدريس يصبح لا قيمة تربوية له .ويكتسب كثير من التلاميذ الذين يلتحقون بتلك المدرسة العديد من الخبرات من المشاهدة في المجتمع المحلي , وخدمة غيرهم من الناس وتمثل الزيارة الميدانية الجزء المهم  في منهج تلك المدرسة . اما المعلمون فيقومون تأدية واجباتهم من منطلق براجماتي على قيمة المادة الدراسية من منظور المنفعة التي تعود منها على التلاميذ كما يتم العمل بشكل طبيعي في موقف مفيد ويتم تصميم الاختبارات التحريرية وصياغة فقرات الاسئلة لتقيس القدرة على التفكير و تطبيق الافكار من جانب التلاميذ, وبالنسبة لنظرة الفلسفة الازلية الى العالم المادي تعتبر هذه الفلسفة من أكثر الفلسفات محافظة وتقليدية وان نظرتها الى المعرفة والتربية والتعلم وترى ان غايات التربية مطلقة ومهمتها الوصول لمعرفة الحقيقة وتكييف الفرد معها وتنمية الذاكرة والتفكير ولا تهتم بالنواحي الوجدانية والعاطفية أو المهارية والجسمية وتثق هذه الفلسفة بالعقل واهتمت بضرورة جعل التعليم عالمياً والطلاب ميالين للدراسة ويتصفون بالجدية والمنهج الذي تؤمن به الفلسفة الازلية هو المنهج الذي يخدم غايات التربية يجب ان يتسم بالثبات و وجوب تعليم الأمور التي تُعتبر ذات أهمية باقية ومستمرة لكل الناس في كل مكان وتنظر هذه الفلسفة إلى المواد الدراسية على انها منفصلة عن بعضها ويركز المنهج المدرسي في المدرسة الأزلية على تراث الماضي وكمثال تربوي على الفلسفة الازليةنجد بعض المدارس الابتدائية التي تؤمن بها قد عملت على التقليل من اهمية بعض الموضوعات كالرسم والرقص والموسيقى غير التقليدية و ركزت على اهمية تدريس المواد الاساسية الثلاث : وهي القراءة والكتابة والحساب كما يتم تشكيل مجموعاتمصغرة من التلاميذ من اجل القيام بالدراسة المتعمقة , وتعتمد تلك المدارس على نظام المكافآت من اجل تحقيق الفاعلية في كل من القراءة الشفهية والتعبير التحريري والكتابة بخط جميل والقيام بالعمليات الحسابية وتهجئة الكلمات.

الفلسفة التجديدية ونظرتها للتربية والتعلم:

تنظر الى التراث الانساني كوسيلة يمكن استخدامها من اجل المزيد من البحث و تنظر الى التربية على انها وسيلة ثقافية يعمل المجتمع على تجديد حياته عن طريقها ولتركيز على  المستقبل واعطاء اهمية واضحة  للجماعة ودورها في التربية وتعتمد على التحليل المنطقي والاجتماعي و الانثروبولوجي والفلسفي في تركيزها على جعل التربية في مقدمة توجيه المجتمع وقيادته وبالنسبة للمنهج الذي تؤمن به الفلسفة التجديدية هو استخدام مواد دراسية متنوعة وضرورة جعل الحياة الجماعية مركزا للخبرة المدرسية وان نظرة الفلسفة التجديدية ودور المعلم و طرق التدريس دعت الى تتجنب عملية التلقين في التدريس واستبدالها بأرشاد التلاميذ وتوجيههم عن طريق المناقشة الفاعلة والتحليل العقلي الناقد للقضايا او المشكلات المختلفة وان نظرة الفلسفة التجديدية الى  النشاطات اللاصفية والمشاركة الجماعية تشجع على مشاركة التلاميذ و اولياء امورهم .

الفلسفة الوجودية والمنهج :

ان نظرة الفلسفة الوجودية الى المعرفة والتربية والتعلم اذ تؤمن هذه الفلسفة أن العالم الذي نعيش فيه دائم التغير والتطور , و مليء بالمتناقضات وان المعرفة عند الوجودية حركة في الشك ورغبة في التعرف الى الافكار لتحصيل الحقيقة اذ تتمثل مهمة  التربية  في ايجاد الجو الحر للتلميذ  للقيام بأعمال حيوية واكتشاف حقول المعرفة وتنظر الى المتعلمين بأنهم هم الذين يصنعون اختياراتهم والاعتماد على ذاتهم . وان المنهج الذي تؤمن به الفلسفة الوجودية

يرفض المعلمون اية قرارات مخطط لها او اية اساليب للتعليم المنظم, ومن ثم فأنهم يبذلون قصارىجهدهم لمساعدة التلاميذعلى اكتشاف شخصياتهم والاعتماد على قدراتهم الذاتية ويميلون الوجودين الى تعليم الانسانيات كمواد دراسية وان بناء المنهج يجب ان يكون على اساس الشخص بصفته الفردية وليس بصفته الجماعية ويجب ان يتضمن المنهج المدرسي العلوم الانسانية مثل الادب والفن والتاريخ بالإضافة الى العلوم الطبيعية والاجتماعية كي تساعد في فهم العلاقة بين الفرد والجماعة , وان دور المعلم وطرق التدريس في هذه الفلسفة هوضرورة اتصاف طريقة التدريس بالحرية والتركيز على الخبرات الذاتية والمناقشات وتركز على طريقة الحوار الطريقة السقراطية لأنها تحتوي على الاستقراء ولا تتم مطالبة  المعلمين بالتمسك بالاخلاق الحميدة , ولايحاولون تحقير او اذلال المتعلمين وعلى  المعلم ان  يثير ميل المتعلم وذكائه ومشاعره و يحافظ على الحرية الاكاديمية والاستمرارفي التعلم لاكتساب الخبرات المتجددة

فلسفة الاسلام والمنهج:

يقوم المنهج الاسلامي على اسس فلسفية تتمايز عن الاسس الفلسفية التي يقوم عليها المنهج المدرسي الحديث وان فلسفة الاسلام ونظرتها الى المعرفة والتربية والتعليم اذ نظر الاسلام الى المعرفة على انها علاقات قائمة بين الانسان والكون والحياة و يطالب الاسلام في كثير من الآيات القرانية باستخدام العقل والتأمل والتفكير في الكون قال تعالى:(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).  واما المنهج الذي تؤمن به فلسفة الاسلام واهتمت فلسفة المنهج الاسلامي في تربية العقل الانساني عن طريق تدريبه على التأمل والتدبر والتفكير المنطقي والعلمي وحول الشخصية المتوازنة له من اجل تنميته فكرياً وروحياً واجتماعيا والاهتمام بتهيئة نفسه والتزامه بالتعليم وطلبه له . وان علماء الاسلام اول من وضعوا اسس المنهج التجريبي واستخدموه في بحوثهم وعلومهم اذ اكد المنهج الاسلامي على اهمية الوسط الاجتماعي الذي يتفاعل معه الفرد منذ طفولته ويكون دور المجتمع ضرورياً لتوفير الظروف التي تساعد على تعليم افراده دون تمييز , من  خلال  المؤسسات  التربوية النظامية كالمدارس والمعاهد والجامعات وغير النظامية كالمساجد والاندية ومؤسسات الاعلام , وتعددت المناهج في المدارس الاسلامية ولم يكن الطالب مقيدا بدراسة مواد معينة وبقدر كبير من الحرية ومراعاة الفروق الفردية كما لا يفرض عليه المعلم منهجاً خاصاً , ويركز المنهج الاسلامي على قضية الثواب والعقاب في التربية . وبالنسبة لفلسفة الاسلام ودور المعلم وطرق التدريس فقد تعددت طرائق التدريس وانتشرت طريقة الحفظ والاستظهار حيث كان تدريس القرآن الكريم والحديث الشريف يتم بطريقة التلقين وطريقة المناقشة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يستخدمها مع اصحابه وعامة المسلمين وقد استخدم المربون المسلمون فيما عد هذه الطريقة مع طلابهم وقد شاع تطبيق طريقة الحوارعند الرسول عليه الصلاة والسلام وقد ورد ذكر طريقة الحوار في القران الكريم قال تعالى: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرهُ أَنَا أَكْثَر مِنْك مَالًا وَأَعَزّ نَفَرًا ). ( سورة الكهف , اية 34 ) واستخدام طريقة المحاضرة او الخطابة في المناسبات الدينية او قبل المعارك واستخدمت طريقة القصة و تعتبر فاعلة في تدريس تلاميذ المرحلة الابتدائية واستخدم الرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمون من بعده ما يعرف هذه الايام طريقة التعلم الذاتي والجماعيو استخدام طريقة الممارسة او التعلم بالعمل واستخدام طريقة استخدام الحوادث الجارية والمواقف في مجال التعليم واستخدام طريقة القدوة او الاقتداء بالصالحين واستخدام طريقة الرحلات العلمية الميدانية واما عن التقويم في المنهج الاسلامي فيعترف ذلك المنهج بوجود تقويم مستمر للفردوبتقويم نهائي او ختامي وتطرق المربون المسلمون الى اهمية الاختبارات من الناحية التربوية .

على الرغم مما سبق ذكره عن الفلسفات الازلية والمثالية والواقعية الا انه يجب ان لا ننسى ان لكل فلسفة من هذه الفلسفات بعض الجوانب التربوية الايجابية فمثلا يُحمد للفلسفة الازلية فكرة تركيزها على معرفة الحقيقة الخالدة وسعيها لتكييف المتعلم عن طريق التربية مع تلك الحقيقة . وتشاركها في ذلك الفلسفة المثالية التي جعلت محور الحقيقة يتركز على عالم المثل بما فيه من حق وخير وجمال و للفلسفةالواقعية الفضل في توجيه الانظار لدراسة الظواهر الطبيعية والاهتمام بالملاحظة والاعتماد على اسلوب التجريب والاستناد الى الشواهد او الادلة ثم تحليلها عن طريق العقل كمدخل اساسي للمعرفة وتأتي المدارس الفلسفية الثلاث الاخرى ممثلة في الفلسفة البرجماتية والفلسفة التجريدية والفلسفة الوجودية ضمن التيارات الفكرية التي انتصرت للفرد ووجهت الانتباه للمتعلم وركزت عليه في الموقف التعليمي بدلا ً من التركيز على المادة الدراسية وظهرت من خلال الحركة التربوية التقدمية التي جعلت من المتعلم مركزا للعملية التربوية بحيث وضع اهتماماته وحاجاته ومشكلاته وخبراته السابقة موضع الاهتمام عند تخطيط المنهج وكذلك يؤدي المعلم دوراً مغايراً لدوره في ظل الفكر التقليدي,حيث يقوم بالتخطيط والتوجيه من اجل توفير افضل الظروف والامكانيات التي تساعد على تعلم الفرد كما ان الافكار المدرسية اصبحت تمثل جوهر المناهج الدراسية التي تعكس هذا التفكير وليس على ماكان سابقا وركزت البراجماتية اكثر من غيرها على الفرد ويمكن ابراز موقف الاسلام من ناحية وموقف المدراس الفلسفية الاخرى من ناحية ثانية من قضايا اساسية في المنهج اذ هتمت الفلسفات الازلية والمثالية والواقعية بتنمية الجانب العقلي فقط في الانسان وتحرير عقله  وتنويره بالمعرفة بينما نجد ان الاسلام اهتم باستخدام العقل وتحريره من الاوهام والخرافات والاباطيل وتتسم المعرفة في المنهج الاسلامي بالشمولية من حيث توجيه المعلم في تنمية جميع جوانب شخصية المتعلم وليس الجانب العقلي فقط واعطت المدراس الفلسفية الثلاث والمتمثلة في البراجماتية والتجديدية والوجودية الحرية للمتعلم في الموقف التعليمي , بينما تمتع التعلم في ظل الموقف الاسلامي حرية معتدلة ويوجد فرق كبير بين المعلم الموجه في ظل المدارس الفلسفية التقدمية والمعلم الموجه في ظل الموقف الاسلامي . فالأول موجه نحو التمكن من الموقف التعليمي بينما يمثل المعلم في الفكر الاسلامي موجها نحو الدنيا والدين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.