الطريقة المثلى لتعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها

0 16

الطريقة المثلى لتعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها

 فتيحة عبديش

البريد الإلكتروني: hananabdiche@gmail.com

جامعة أحمد بن يحيى الونشريسي -تيسمسيلت- الجزائر

مقدمة:

بدأ الاهتمام بطرائق التّدريس مع بداية الاهتمام بتعليم اللّغات الأجنبية، ومنه تعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها، ذلك أنّه من غير الممكن أنْ نقوم بتعليم لغةٍ  دون اعتماد طريقة تدريس مُعيَّنة، وقد توالت طرائق التّدريس من القديم إلى الحديث، وكلّها تسعى إلى خدمة وتحسين مستوى تعليم اللّغة، غير أنّ هذه الطّرائق تختلف فيما بينها سواءً من حيث الأهداف أو من حيث المبادئ وكيفية تقديم المادة، أو الاهتمامات ومعرفة المعلّم بهذه الطّرائق وقدرته على استخدامها في عملية تعليم اللّغة إنمّا يُعينه في الإحاطة بالموقف التّعليمي، ويُعينه كذلك في تحقيق الهدف المنشود وهو تعليم اللّغة وتمكين المتعلّم منها، غير أنّ المعلّم ليس مُلزما بالولاء إلى أية طريقة من هذه الطّرائق، إنّما تظهر كفاءته وقدرته على تكييفها حسب الموضوع المدرَّس وتمييزه أيّها تلائمه، فقد تكون طريقة واحدة، وقد يجمع بين طريقتين فأكثر.

وأمّا تعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها في العصر الرّاهن فهو مستمَدٌّ من أساسيات وطرائق تدريس اللّغات الأجنبية، والحديث عن هذه الطّرائق يجعلنا نقسمها إلى قسمين، قديمة وحديثة، فأمّا الطّرائق القديمة فقد عنيت بتوصيل المعارف والمعلومات للمتعلّمين دون الاهتمام بجوانب العملية التّعليمية الأخرى، كالاهتمام بالجانب النّفسي للمتعلّمين مثلا؛ أي بمعنى أنّها اهتمّت بالجانب المعرفي فحسب وأهملت الجانب النّفسي باعتبارها طرائق تلقينية محضة تتمحور حور المعلّم بالدرجة الأولى، وتُهمل أطراف العملية التّعليمية الأخرى بينما اتخذت طرائق التّدريس الحديثة مسارا آخر حيث اهتمّت بالمتعلّم وجعلته محور العملية التّعليمية، وعنيت بالجانب المعرفي والمهاري والوجداني للمتعلّم، واهتمّت بالقيم والاتجاهات، باعتبار أنّ الاهتمام بها يجعل المتعلّم مشاركا فعّالا في عملية تعلُّم اللّغة، وقد اهتم بموضوع طرائق التدريس باحثون ولغويون وأهل الاختصاص القائمون على حقل تعليمية اللغات وكانت لهم دراسات قيمة في هذا المجال، أذكر منها:

– طرائق حديثة في تعليم اللغة العربية لهدى مصطفى عبد الرحمن.

– الطريقة الحديثة لتعليم اللغة العربية للناطقين بالفرنسية لباسمة يعقوبي.

– أساليب تدريس اللغة العربية لمحمد علي الخولي

وبما أنّ طريقة التّدريس ركن أساس من أركان العملية التّعليمية، ونجاح تعليمها متوقّف إلى حدّ كبير على نجاح طريقة التّدريس، حيث تتركز أهمية الطّريقة في كيفية استغلال المحتوى اللّغوي المراد تعليمه بشكل يؤدّي إلى تحقيق الهدف، أو بمعنى آخر فإنّ قوّة الطريقة يؤدّي بالضّرورة إلى نجاح عملية تعلُّم اللّغة، ومن هنا فإنّ الإشكالية التي يعالجها هذا البحث، هي : ما هي طرائق التّدريس التي استخدمت في تعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها؟، وما مدى نجاعتها وملاءمتها لها؟، وما الطّريقة المثلى لتعليم العربية للنّاطقين بغيرها؟

تعريف طريقة التدريس:

 إن طريقة التدريس بمفهومها الواسع تعني مجموعة الأساليب التي يتم بواسطتها تنظيم المجال الخارجي للمتعلم من أجل تحقيق أهداف تربوية معينة[1] (رشدي, أحمد طعيمة، 1987، صفحة 214) ، وأما بمفهومها الضيق فهي عبارة عن خطوات محددة يتبعها المعلم لتحفيظ المتعلمين أكبر قدر ممكن من المادة العلمية الدراسية، فتكون طريقة التدريس وسيلة لوضع الخطط وتنفيذها في مواقف الحياة الطبيعية بحيث يكون الصف الدراسي جزءا من الحياة ويجري في سياقها وينمو الطالب فيها بتوجيه من المعلم وإرشاده[2] (علي, حسين الليمي; سعاد, عبد الكريم الوائلي، 2003، صفحة 15).

إن أهداف تدريس اللغة هي نقطة الانطلاق والأمر الرئيسي في اختيار طريقة التدريس المناسبة، ويتوقف نجاح التدريس عليها، فعلى كل مدرس أن تستقر في ذهنه الأهداف الرئيسية في تدريس اللغة العربية، وجدير بالذكر أن لكل عملية تدريس أهداف خاصة قد يخالف بعضها بعضا، فالاختلاف في الأهداف يستلزم اختلافا في طريقة التدريس، وطريقة التدريس يجب أن تتحدد دائما في ضوء الأهداف[3] (محمود كامل, الناقة، 1985، صفحة 53).

ويمكن القول أن الهدف الرئيسي في تدريس اللغة العربية هو « أن يستطيع الطالب أن يعبر عن نفسه تعبيرا كاملا صحيحا باللسان أو القلم وأن يفهم ما يقرأ أو ما يسمع وأن يشارك في التفكير فيما حوله بقدر ما تسمح به سنه ومواهبه »[4] (محمد إبراهيم, الخطيب، 2003، صفحة 17)، وكأنه ابن اللغة العربية، أم علي أحمد مدكور فيرى أن الهدف الأساسي لتعليم اللغة العربية هو إكساب المتعلم القدرة على الاتصال اللغوي الواضح السليم، سواء كان هذا الاتصال شفويا أو كتابيا.

وبالتالي فإن كل محاولة لتعليمها يجب أن تؤدي إلى تنفيذ هذا الهدف[5] (علي أحمد, مدكور، 1984، صفحة 13)، بمعنى أن معلم اللغة العربية يجب أن يضع في ذهنه هدف تعليم متعلم العربية جميع المهارات اللغوية الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة، وكذا الكفاية التواصلية، أي أنه يجب أن يصبح قادرا على التواصل بها مع أبناء اللغة العربية كواحد منهم.

وتعد الطريقة مصطلحا شموليا، إذ تشمل المبادئ والأساليب معا، فالمبادئ تشمل خمسة مناح في تدريس اللغة الأجنبية أو اللغة الثانية، وهي: المعلم والدارس وعملتي التعليم والتعلم واللغة أو الثقافة المتعلمة، وهذه المبادئ الخمسة هي التي تمثل الإطار النظري للطريقة، والأساليب هي العرض السلوكي لتلك المبادئ، أي الأنشطة والخطوات المتبعة تستخلص من تطبيق هذه المبادئ.

ونعني بالطريقة كذلك: « مجموعة الأساليب التي يتم بواسطتها تنظيم المجال الخارجي للمتعلم، من أجل تحقيق أهداف تربوية معينة »[6] (محمد علي, الخولي، صفحة 276)، والطريقة بهذا المفهوم الشامل ليست مجرّد وسيلة لتوصيل المعرفة، أو إجراءات وأنشطة تدريسية يقوم بها المعلم داخل الفصل وحسب، وإنما هي خطة شاملة، يُستعان بها في تحقيق الهدف التربوي المنشود، وتتطلب من الخطوات والإجراءات والأساليب والأنشطة داخل الفصل وخارجه، وترتبط بطريقة إعداد المنهج، وتأليف الكتاب المقرر، واختيار موضوعاته وتنظيمها، ووسائل التقويم، وتقنيات التعليم، والتوجيهات التي يشتمل عليها دليل المعلم.

وبالتالي يدخل في معنى الطريقة كل ما تتضمنه عملية التدريس من اختيار للمادة التعليمية وتنظيمها ووسائل وأساليب عرضها وخطواتها، إذ من المستحيل تقديم كل المعارف دفعة واحدة، بل لا بد من طريقة وتنظيم معين لعرضها على الطالب، فالطريقة إذن عبارة عن خطة عامة لاختيار وتنظيم وعرض المادة اللغوية[7] (محمود كامل, الناقة، 1985، صفحة 46)، أو هي الأسلوب أو المنهج الذي يسلكه المعلم مع تلميذه في عملية التدريس، بحيث يتيح هذا الأسلوب أو المنهج الفرصة الكاملة للتلميذ لكي يشارك بنشاط وفعالية في عملية التعلم، بحيث لا يصبح المتعلم متلقيا، ولكن مشاركا.

يعتمد اختيار طريقة التدريس على نوع الأهداف، والأهداف نوعان: أهداف عامة تحددها السلطات التربوية، وأهداف خاصة يحددها المعلم، وفي مجال تعليم العربية كلغة أجنبية يتوقف اختيار طريقة التدريس على أهداف المعلم من تعليم هذه اللغة، كما تتجسد هذه الأهداف في شكل مهارات لغوية يريد إكسابها للمتعلمين، والمعلم لا يملك إلاّ أن يتأثر بطريقة التدريس التي يمكن أن تتماشى مع المنهاج المدرسي، باعتبار أن المنهاج هو الذي يحدد طريقة التدريس.

وطرائق تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها كثيرة ومتنوعة، نذكر أشهرها استخداما في تاريخ تعليم العربية كلغة أجنبية:

– طريقة النحو والترجمة:

وهي أقدم طرائق تعليم اللغات الثانية، وتعود إلى عصر النهضة في البلاد الأوروبية حيث نقلت اللغتان اليونانية واللاتينية للتراث الإنساني إلى العالم الغربي، واتبعت في ذلك الأساليب التي كانت شائعة في تدريس اللغات الثانية في العصور الوسطى، فاعتمدت على شرح قواعد اللغة، والانطلاق من هذه القواعد إلى تعليم مهارات اللغة الأخرى الخاصة بالقراءة والترجمة، ثم صار تدريس النحو غاية في ذاته، حيث نظر إليه على أنه وسيلة لتنمية ملكات العقل وطريقة التفكير، وتسمى هذه الطريقة بالطريقة القديمة أو الطريقة التقليدية.

وإن المتتبع لسير حركة تطور طرائق تدريس اللغات الأجنبية، يلاحظ سيطرة هذه الطريقة لفترات طويلة من الزمن لدرجة جعلت بعض المشتغلين يعتقدون بصعوبة الانعتاق منها، وهذه الطريقة قاصرة على تربية الذاكرة في حفظ كلمات وجمل وصيغ وأنماط لغوية، دون الالتفات إلى درجة استعمالها في الغرض من التعليم، ولا تمس الجوانب التي يتطلبها المتعلم[8] (الحديدي, علي، 1966، صفحة 47)، ومن أهم ملامحها ما يلي:

أ- تهتم هذه الطريقة بمهارات القراءة والكتابة والترجمة، ولا تعطي الاهتمام اللازم لمهارة الكلام.

ب- تستخدم هذه الطريقة اللغة الأم للمتعلم كوسيلة رئيسية لتعليم اللغة المنشودة، وبعبارة أخرى، تستخدم هذه الطريقة الترجمة كأسلوب رئيسي في التدريس.

ج- تهتم بالأحكام النحوية، أي التعميمات كوسيلة لتعليم اللغة الأجنبية وضبط صحتها.

د- كثيرا ما يلجأ المعلم الذي يستخدم هذه الطريقة إلى التحليل النحوي لجمل اللغة المنشودة، ويطلب من طلابه القيام بهذا التحليل[9] (الخولي, محمد علي، 1989، صفحة 21).

ه- تقوم هذه الطريقة على أن « تعلم اللغة الأجنبية يتم عن طريق التعرف على قواعد اللغة، ثم حفظها، ثم تطبيقها على استخدام اللغة في القراءة والكتابة »[10] (بوقربة, لطفي، 2002، 2003، صفحة 27)، وأكثر التدريبات شيوعا هو الترجمة من اللغة الأجنبية إلى اللغة الأم، لأن هذا المنهج يهدف أساسا إلى اكتساب المتعلمين المهارة اللغوية الكتابية، ولا يسعى إلى اكتسابهم المهارة اللغوية الشفوية، وتعتمد في المقام الأول على الذاكرة حيث يكلف التلاميذ بحفظ قوائم من الكلمات.

و- تركز على حفظ القواعد والإلمام بها نظريا، وأن ذلك شرط لممارستها، ولهذا تقدم جميع القواعد النحوية والصرفية بالتفصيل، مقرونة بالاستثناءات والشواذ من الأسماء والأفعال والصفات، مع قائمة بالكلمات والمصطلحات المرتبطة بها[11] (الموجود, غزت عبد; وآخران، 1981، صفحة 397).

ي- إن تذوق الأدب العربي المكتوب، والاستمتاع به هدف رئيسي من أهداف تعليم العربية، والوسيلة الوحيدة لذلك هي الترجمة من ولى اللغة العربية[12] (رشدي, أحمد طعيمة، 1987، صفحة 351).

ن- لا يقتصر الأمر على أن يلمّ الطالب بقواعد اللغة العربية، بل يتعرف أيضا على خصائص هذه اللغة بالمقارنة مع غيرها من اللغات خاصة لغة الدارس الأصلية أو لغته الأم.

وإضافة إلى ذلك فإن عملية التقويم سهلة ومحددة سلفا، إذ أن الأمر لا يتطلب أكثر من سؤال الطالب عن قاعدة من القواعد، أو ترجمة نص من النصوص من العربية أو إليها، ولا يتطلب هذا الأمر جهدا من المعلم أو ابتكارا يعجز عنه[13] (رشدي أحمد, طعيمة، 1987، صفحة 354)، كما أن متعلم اللغة العربية بهذه الطريقة يستطيع أن يكتسب مهارة القراءة والكتابة في وقت أقصر ممن اتبع في تعلمه الطرق الأخرى.

نقدها:

رغم ما امتازت به هذه الطريقة من مزايا إلا أن لها من السلبيات ما لها كإهمالها لمهارتي الاستماع والكلام، وهذا الأمر يحصر اللغة في مفهوم ضيق يقصر وظيفتها على الاتصال بين الناس عن طريق المراسلات والمكاتبات[14] (رشدي أحمد, طعيمة، 1987، صفحة 355)، وليس عن طريق الاستماع إليهم والحديث معهم، كما أن هذه الطريقة تقتصر في تعليمها للطالب كل ما يتعلق باللغة، أي أنه يتعلم عن اللغة، ولا يتعلم اللغة ذاتها، ما يجعله غير قادر على التواصل مع غيره بها

وما ينبغي الإشارة إليه كذلك أن استخدام الطالب للغته الأم بكثرة يعيق تعلمه للغة العربية ويحرمه من إتقانها، وبالتالي فإن استخدام هذه الطريقة قد يفقد للكثير من الطلاب دافع تعلم اللغة العربية، لما يصيبهم من الملل لعدم التنويع في تقديم المادة التعليمية.

الطريقة المباشرة:

والتي كان من أسباب نشأتها التخلص من طريقة القواعد والترجمة التي اقتنع الباحثون والمعلمون بعدم جدواها في تعليم اللغات الأجنبية، وقد ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ويعتقد في هذه النظرية أن تطبيق المعارف العلمية في علم اللغة وعلم النفس على تعليم اللغة سوف يكون أسرع في التعلم، وأفضل في النتائج من الاعتماد على تقديم اللغة بطريقة عفوية غير معدة ولا مخطط لها.

سميت هذه الطريقة بالطريقة المباشرة لأنها تفترض وجود علاقة مباشرة بين الكلمة والشيء، أو بين العبارة والفكرة من غير حاجة إلى وساطة اللغة الأم أو تدخلها، امتازت بمجموعة من المزايا، ونذكر منها ما يلي:

1- أكدت على الجوانب السمعية الشفهية  في تعليم اللغة، كما حرصت على استخدام الوسائل البصرية المعينة داخل الفصل.

2- اهتمت بالمعنى والجانب الطبيعي من اللغة، ونبهت إلى خطورة المواقف اللغوية والاجتماعية المصنوعة التي لا تؤدي إلى تعلم حقيقي.

3- دعت إلى تكثيف الأنشطة وتحويل الفصل إلى جو شبيه بالجو العام في بيئة اللغة الهدف.

4 – شجعت الطلاب على التفكير باللغة الهدف، الذي يعد أرقى مستويات التعلم، وحذرت من الترجمة التي قد تقود إلى التداخل اللغوي.

5- اهتمت بالنحو الوظيفي واختيار الكلمات والعبارات والجمل الشائعة وتعليمها بأساليب متدرجة[15] (رشدي أحمد, طعيمة، 1987، صفحة 305)، يساعد في فهم اللغة واستعمالها بطريقة صحيحة سليمة.

6- إنها أول محاولة لاستخدام الحوار والسرد القصصي كأساس لتعليم المهارات اللغوية المختلفة.

7- « يتزايد مع هذه الطريقة دوافع الطلاب على تعلم اللغة الأجنبية بعد أن كانوا يتسرّبون من برامجها.

8- إنها الطريقة التي يعزى إليها فضل شيوع استعمال الوسائل التعليمية وبعض الأساليب الحديثة في تعليم اللغات الأجنبية، كالحوار واستخدام الأسئلة والأجوبة، والتقليد والإملاء، واستنتاج القواعد النحوية من النص »[16] (رشدي أحمد, طعيمة، 1987، صفحة 365)، كما أنها تستلزم من المعلم التجديد في عرض المادة التعليمية والابتكار في شرح المفردات والتراكيب بطريقة لا تحوجه إلى لغة وسيطة.

نقدها:

1- من مشكلات هذه الطريقة أنها تسمح للطلاب بحرية الكلام والتعبير في مواقف غير مخططة أحيانا مما يترتب عليه انطلاق غير محمود سواء من حيث استخدام المفردات أو تركيب الجمل.

2- تهتم هذه الطريقة بمهارة الكلام على حساب المهارات الأخرى.

3- عدم استخدام اللغة الأم للمتعلم في تعليمه للغة العربية يأخذ الكثير من الوقت والكثير من الجهد، كما يصعب على المعلم شرح الكثير من المعلومات التي تكون صعبة ومعقدة على الطالب فلا يستطيع فهمها بالشكل الصحيح.

4- استبعاد الأحكام النحوية التي تنتظم فيها كلمات اللغة في شكل جمل[17] (الخولي, محمد علي، 1989، صفحة 23).

يعتقد أصحاب هذه الطريقة أن المتعلم الأجنبي للغة العربية بإمكانه أن يتعلمها أو يكتسبها بالطريقة نفسها التي يكتسب بها الطفل العربي لغته الأم، كما أنه يصعب تعلم اللغة الأجنبية دون اللجوء إلى استخدام اللغة الوسيطة أحيانا، خاصة في المستوى المبتدئ، ذلك أن المتعلم يقدم على تعلم لغة جديدة عليه، أو لغة لا ينتمي إليها ولا يعرف عنها إلا بعض المواقف المماثلة لمواقف أخرى في لغته الأم، وهي قليلة جدا لا تكفي لمعرفة اللغة الهدف والإلمام بها.

– الطريقة السمعية الشفهية:

لقد أدى الاهتمام الجديد المتزايد بأن يكون الإنسان قادرا على الاتصال باللغة الأجنبية إلى صياغة مصطلح ( السمعي الشفوي )[18] (الخولي, محمد علي، 1989، صفحة 82) ليطلق على طريقة تهدف إلى إتقان مهارات الاستماع والكلام أولا كأساس لإتقان مهارات القراءة والكتابة ثانيا.

أو بمعنى آخر فإن اللغة لم تعد وسيلة للاتصال الكتابي فقط أو نقل التراث الإنساني فحسب، بل أصبحت أداة لتحقيق الاتصال الشفهي أولا بمهارتيه  الاستماع والكلام يليه الاتصال الكتابي بمهارتيه القراءة والكتابة.

مزاياها:

تتوافر الطريقة السمعية الشفهية على عدة مزايا منحتها الأفضلية عما سبقها من الطرائق، ومن أهم مزاياها ما يلي:

1- تنطلق هذه الطريقة من تصور صحيح للغة ووظيفتها، إذ أنها تعطي الأهمية الكبرى للاتصال بين الناس، فركزت على مهارتي الاستماع والكلام التي يحتاجها الطالب في التواصل مع غيره.

2- التشابه في تدريس المهارات اللغوية استماع فكلام فقراءة فكتابة مع طريقة تدريسها لابن اللغة الأصلي.

3- تشبع هذه الطريقة الحاجات النفسية عند الدارسين من حيث تمكينهم من توظيف اللغة[19] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، صفحة 111).

4- تعليم اللغة من خلال ذاتها وليس من خلال لغات أخرى أمر يحمد لهذه الطريقة، إذ أن أسهل طريقة لتعلم اللغة والتفكير بها هو أن يتعلمها من خلال قواعدها وأصولها فقط، وليس من خلال قواعد لغة أخرى.

5- تحرص على تكثيف التدريبات النمطية التي من شأنها تثبيت المهارات اللغوية وتمكين المتعلم من ممارسة اللغة ممارسة صحيحة.

6- يتطلب نجاح عملية تعليم اللغة الثانية وفق هذه الطريقة أن يكون المعلم ذا كفاءة عالية وقدرة على ابتكار أنشطة لغوية جديدة وخلق مواقف لغوية يستثير بها الدارسين، يقدم من خلالها المفردات والتراكيب اللغوية التي يحتاجها الدارسون في التواصل.

وبهذا يبقى المعلم طوال الحصة حريصا على أداء الطلاب ومراقبا لسلامة نطقهم، ومتنبها لأخطائهم قصد تصحيحها، وكلما أخطأ المتعلم في نطق كلمة يطلب منه تكرار القراءة مرتين أو ثلاث، أو يصحح له طالب آخر ، فيطلب منه تكرار النطق السليم للكلمة كما نطقها الطالب الثاني.

 

نقدها:

انتقدت هذه الطريقة كغيرها من الطرائق الأخرى لكونها اهتمت ببعض الجوانب اللغوية وأهملت الجوانب الأخرى، وسنعرض ذلك فيما يلي:

1- التأكيد على الجانب السمعي الشفهي وإهمالها للجانب القرائي الكتابي، ففشلت بذلك في تحقيق التواصل الناجح.

2- الكلام ليس الشكل الوحيد للغة، فهناك الكتابة أيضا، فالمهارات اللغوية الأخرى لا تقل أهمية عن الكلام.

3- إن اكتساب اللغة الأجنبية يختلف اختلافا جوهريا عن اكتساب اللغة الأولى، حيث تختلف الحاجات لتعلم اللغة وكذا الظروف والعواطف.

4- يمكن للمعلم استخدام الترجمة في تعليم اللغة الأجنبية بطريقة تفيد المتعلم، وتوفر الوقت والجهد لكل من المعلم والمتعلم.

5- ليس دائما يكون الناطق الأصلي للغة هو أفضل معلم للغة الأجنبية، لأنه لا يدرك مشكلات الطلاب مع اللغة المتعلمةّ، وبالتالي لا يمكنه التنبؤ بأخطائهم، ولذا يمكن أن يكون المعلم من نفس جنسية الطلاب ومع ذلك يتقن اللغة الهدف أفضل من ابنها الناطق بها[20] (الخولي, محمد علي، 1989، صفحة 25).

اتبعت معظم مناهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها الطريقة السمعية الشفهية، منذ أن بدأ الاهتمام بتعليمها كلغة ثانية، ولا تزال تهيمن على مناهجها إلى يومنا هذا، وذلك أن القائمين على وضع المناهج العربية يعتقدون أن هذه الطريقة هي الأوضح من حيث الفهم، والأسهل في التطبيق والتقويم.

 

طريقة القراءة:

 يرجع التفكير في هذه الطريقة إلى عدد من المتخصصين في تعلم اللغات الأجنبية في الربع الأول من القرن العشرين، ولد انتشرت هذه الطريقة في ظروف كان المتخصصون فيها يعيدون النظر في طرق تعلم اللغات الأجنبية، وكان محور العمل فيها هو تقديم المادة المطبوعة في اللغة الأجنبية للدارس من بداية تعلمه لهذه اللغة دون محاولة لترجمتها، وعليه أن يقرأ حتى يحصل على المعنى، ثم انتقدت نقدا شديدا عندما ظهرت الحاجة إلى تعلم مهارات الاتصال الشفهي باللغات الأجنبية، ومن ثم تقديم مهارة الكلام على القراءة.

مزاياها:

وقد امتازت هذه الطريقة بعدة مزايا نذكر منها ما يلي:

1- لم تأت هذه الطريقة بالجديد، إلا أنها اتخذت من المبادئ الأساسية التي اعتمدتها الطرائق الأخرى، ووظفتها، كما ركزت على مهارة القراءة ما جعلها تختلف عن غيرها من الطرائق.

2- لا ترفض هذه الطريقة استعمال اللغة الوسيطة أو الترجمة من لغة إلى أخرى.

3- تقترب هذه الطريقة في تدريسها لمهارة القراءة لغير الناطقين بالعربية من تعليمها للناطقين بها.

4- ظهرت هذه الطريقة نتيجة الحاجة إلى تعلم القراءة باللغة الثانية أشد من الحاجة إلى تعلم المهارات الأخرى[21] (رشدي أحمد, طعيمة، 1987، صفحة 377).

5- استنتجت من هذه الطريقة إمكانية تعليم اللغة الثانية لأغراض خاصة، لأنها هنا تعلم اللغة لغرض خاص، والمتمثل في القراءة.

تسهم هذه الطريقة في تنمية مهارة القراءة لدى الطلاب، إذ تمنح الفرصة لكل طالب لقراءة مواد القراءة الموسعة ويتدرب عليها، فالقراءة هي من المهارات التي تستمر مع الطالب حتى فيما بعد تعلم اللغة، وتساعده في تعلمها دون الحاجة إلى معلم أو برنامج منظم.

نقدها:

 انتقد هذه الطريقة للأسباب الآية:

1- لقد اهتمت بجانب واحد من جوانب اللغة وهو القراءة، بينما أهملت الجوانب الأخرى، وخاصة الجانب الشفهي الذي يحتاجه الطالب للتواصل، وهي محدودة الأهداف لأنها تعلم اللغة لغرض خاص.

2- تهتم بالقراءة الصامتة فقط، ولا تهتم بتصحيح الأخطاء التي سرعان ما تظهر في القراءة الجهرية.

3- أهملت مهارة الكتابة التي تحتاج بدورها إلى تدريبات وتوجيهات من طرف المعلم.

4- التدرج في تقديم المادة اللغوية، والاهتمام الزائد بدرجات الشيوع قد يحول الموقف التعليمي إلى موقف مصنوع بعيد عن الواقع الطبيعي للغة، إضافة إلى أنه يقيد المتعلم بأساليب معينة مرتبطة بهذه المواد، فيصعب عليه بعد ذلك قراءة الصحف والمجلات وغيرها من مواد القراءة الأخرى.

5- لم تراع الفروقات الفردية بين التلاميذ، ولم تهتم بتفاوت خلفياتهم اللغوية والثقافية والاجتماعية، كما أنها قد لا تناسب جميع الطلاب، فمنهم من لم يتعود على هذه الطريقة في تعلمه في بيئته الأصلية.

6- تقييد حرية المعلم والمتعلم على حد سواء، فالمعلم مقيد بخطة معينة، وكتب معينة، وأما الطالب فمجبر على اتباع الخطوات وتنفيذ توجيهات المعلم[22] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، صفحة 317).

إن تعليم اللغة العربية وفق هذه الطريقة يحتاج إلى وقت طويل، وقد يكون لعدة سنوات، وخاصة تعليم العربية لغير الناطقين نظرا لضخامة ثروتها المعجمية، وأبرز ما انتقدت عليه هذه الطريقة: المبالغة في التدرج في تقديم المادة اللغوية مما يؤول إلى عدم فهم الطالب لمفردات اللغة وتراكيبها، وكذلك عدم الشمول في النظر إلى تعلم اللغة المتمثل بالاهتمام الزائد بمهارة القراءة، وعدم الاهتمام بالمهارات الأخرى[23] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، صفحة 318).

طريقة الاستجابة الجسدية الكاملة:

وتعود جذورها إلى الربع الأول من القرن العشرين عندما لاحظ هارولد بالمر ودورثي بالمر أن الاستجابة الجسدية للمثيرات اللفظية لدى الأطفال من أيسر الأساليب في اكتساب اللغة الأم[24] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، الصفحات 132-133)، ثم أصدرا كتابا يدور على فكرة مضمونها أن قدرة المتعلم على تنفيذ أوامر المعلم شرط أساس لاكتساب اللغة الثانية، إذ يعطي المعلم مجموعة من الأوامر للطلاب، وتكون إجابتهم عن طريق تنفيذ تلك الأوامر.

الطريقة الاتصالية:

 وهي من أحدث الطرائق، وتسمى بالمدخل الاتصالي، تهدف إلى تعلم اللغة الأجنبية عن طريق اتصال حقيقي شامل، يقوم على معرفة الأساليب اللغوية المتداولة والقواعد التي تحكمها، ثم توليد تراكيب صحيحة لغويا ومقبولة اجتماعيا، بدلا من الاعتماد على حوارات مكتوبة لمواقف مصنوعة[25] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، الصفحات 145-154)، وقد استخدمت هذه الطريقة في تعليم اللغات الأجنبية، وبما أن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يدخل في إطار اللغات الأجنبية، فقد اعتمدت في عصرنا الحاضر لتعليم العربية للأجانب، ويقول العصيلي في هذا الشأن: « أما تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى في عصرنا الحاضر فمستمد من أساسيات تعليم اللغات الأجنبية وطرائق تدريسها، تلك الأساسيات والطرائق المنبثقة من نتائج الدراسات اللغوية والتربوية والنفسية التي ظهرت في النصف الأول من القرن العشرين…»[26] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، صفحة 09)

وفي هذه الطريقة كذلك لا يعلم الطالب كيف يستخدم الجمل بوصفها وحدات لغوية تنطق عشوائيا، ولكن يعلم كيف يستخدم هذه البنى في مواقف وسياقات اجتماعية مناسبة، وتمثل الأنشطة التواصلية المحور المركزي في هذه الطريقة، والغاية النهائية منها أن تجعل الطالب عضوا في العملية التواصلية سواء أكان داخل قاعة الدرس أم خارجها[27] (وليد, العناتي، صفحة 91)، فهي طريقة مرنة تتيح للمتعلم أن يقوم بمختلف الأدوار التي لم تكن الطرائق السابقة تتيحها إلا نادرا، فينال المتعلم اهتماما كبيرا، فهو لا يظل في دور التلقين والإعادة، كما في الطرائق التقليدية بل لا بد من استنهاض قدرته وطاقاته باعتباره عنصرا أساسيا في عملية التعلم والتعليم[28] (الخالق, عبد، صفحة 66).

الطرائق القديمة:

إنّ الطرائق القديمة عبارة عن تصوُّر نظري لكل ما يقوم به المعلم من عمليات تعليمية داخل حجرة الدرس، وهي –كما قلت سابقا- تركز على ما يدعم المعرفة وكيفية تقديمها للمتعلمين فقط، والمعلّم حسب هذه الطرائق هو الذي يقوم بالدور الأساس في العملية التعليمية، فهو الملقّن والمرشد والموجه، بينما يكون المتعلّم مجرّد مستمع، وليس له أيّ دور في بناء العملية التعليمية، إضافة إلى أنّ هذه الطرائق تنفصل عن البيئة الاجتماعية المحيطة بالمتعلّمين[29] (خرفان خالد, محمد محمود، 2008، صفحة 101)، كما أنّها لا تراعي حاجات المتعلمين وميولاتهم، ولا تنمي قدراتهم ومهاراتهم، ولا تأبه بالفروقات الفردية، واستخدامها للوسائل التعليمية ضئيل جدا، أو يكاد ينعدم  إلاّ عند الضرورة[30] (خرفان خالد, محمد محمود، 2008، صفحة 102).

ورغم هذه السلبيات التي ذكرت عن الطرائق القديمة في التعليم وعيوبها إلاّ أن هذا لا يعني أنها فاشلة بشكل تام، وإنما هي طرائق نجحت في جوانب وفشلت في جوانب أخرى، وهي طرائق بحاجة إلى معلم متمكن يخرجها من قالبها المتحجر ويطوّرها ويكيفها حسب مقتضيات الدرس، ووفق الموافق التعليمية المختلفة مراعيا بذلك طبيعة المتعلمين وظروفهم وقدراتهم وجنسياتهم كذلك، باعتبار أنهم ليسوا من أبناء اللغة العربية، وهذا بدوره يتطلب حسّا كبيرا بالمسؤولية ودقة لا متناهية في اختيار الطريقة المناسبة لهم، والتي تلبي أغراضهم الخاصة من تعلّم اللغة.

الطرائق الحديثة:

نظرا للتطور الحاصل في حقل تعليمية اللغات، والتطور الحاصل فيما يخص مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وطرائق التدريس، حيث تغيّر مفهومها وأصبحت تعنى بالمهارات والقيم والاتجاهات والسلوكيات، وتجاوزت النظرة القديمة للطرائق التي اهتمت بالجانب المعرفي فقط، تدور العملية التعليمية حسب هذه الطرائق على المتعلّم وتعتبره المحور الأساس في العملية التعليمية، فهو الذي يبني تعلماته بنفسه، ويشارك ويتفاعل مع المادة التعليمية من جهة، ومع المعلم ومع زملائه من جهة أخرى، والمعلّم هاهنا لا يتعدى دوره دور الموجه والمرشد المسير للعملية التعليمية والمنظّم لها فحسب[31] (خرفان خالد, محمد محمود، 2008، صفحة 105).

وهي تركز على استخدام الوسائل التعليمية بشكل كبير، وذلك حسب الحاجة إليها في مواقف التعلم، كما أنها تعتمد على خلفية نفسية وتراي الفروقات الفردية بين المتعلمين، كما تعمل على ربط المتعلمين بالمحيط الخارجي حتى يتمكنوا من توظيف ما تعلموه في حياتهم اليومية، بمعنى أنها تلبي حاجاتهم الاجتماعية، والاهتمام بحاجات المتعلمين هو ما أدى إلى ظهور طرائق عديدة تنطلق كل واحدة منها من اهتمامات معينة، فنجد طريقة تهتم بتعليم القواعد، وأخرى تهتم بالبلاغة والتعبير، وهلمّ جرى…وقد ينتج عنها فوضى وخلط وعدم القدرة على الإلمام بجميع الجوانب في آن واحد.

إن لكل طريقة من طرائق التدريس إيجابيات تخدم المتعلّم في العديد من الجوانب، وتهمل بعضها الآخر، وهذا ما جعل أهل الاختصاص لا يكتفون ولا يتوقفون عن الطرائق المستحدثة، ويسعون على الدوام إلى إيجاد طريقة بديلة شاملة وكافية لجميع جوانب التعلّم، طريقة تخدم تعليمية اللغة العربية دون الإنقاص من قيمة الطرائق الأخرى، طريقة مثلى تحقق ما يُطمَح إليه من تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية.

طريقة التدريس المثلى لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها:

بعد العرض الموجز لبعض طرائق تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وكما رأينا أن لكل طريقة مزايا تختلف بها عن الأخرى، إذ لكل منها جوانب مهمة تركز عليها في تعليم اللغة، وعليه فإن الطريقة المثلى التي يجب اعتمادها هي الطريقة التي تعطي الحرية للمعلم في انتقاء ما يتناسب وحاجات المتعلمين وخصائصهم وأغراضهم من تعلّم اللغة، ثم إن الطريقة المثلى هي التي لا تكتفي بالمقررات المبرمجة  فحسب، فالمتعلّم  لا بد من أن يكتسب مهارات اللغة الأربع (استماع، تحدق، قراءة، كتابة)، وكذلك مهارات التفكير والتعبير، وإكسابه الكفاية التواصلية التي تربطه بالمحيط الخارجي وببيئته الاجتماعية، فالمتعلم لا يحتاج رصيدا لغويا من أجل تخزينه، بل يحتاجه من أجل توظيفه في مواقف التواصل اليومية مع أبناء اللغة.

ومن هنا فإن الطريقة المثلى لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها هي الطريقة التي تأخذ من كل الطرائق  السابقة ما يلائم مواقف التعلّم والمتعلمين، أي أنّه يستثمر كل طريقة ناجحة لتوصيل معلومة أو فهم قاعدة أو استنباط معنى، أو التعبير عن فكرة، وكل عنصر من هذه الناصر تناسبه طريقة معينة، وبالتالي تكون للمعلم الحرية في اختيار الطريقة الأنسب أو في الجم بينها في موقف تعليمي واحد إذا دعت الضرورة[32] (العصيلي, عبد العزيز ابن إبراهيم، صفحة 345).

تسمى طريقة الانتقاء من كل الطرائق الطريقة الانتقائية، وهي تتطلب معلما جيدا، ذا كفاءة عالية، وقدرة على استثمار جميع الطرائق فيما يخدم العملية التعليمية، فيجلها مرنة تتكيف مع المواقف التعليمية المختلفة، مع تأكيده على التعلّم الواعي من خلال الفهم الكامل لما يقدم في الفصل[33] (العصيلي, عبد العزيز بن إبراهيم، 1419، صفحة 109).

وبالتالي فإن الطريقة الانتقائية ترى بأن الطرائق الأخرى جميعها متكاملة فيما بينها، ولا يمكن إلغاء أيٍّ منها، ذلك أن المعلم يأخذ مزايا كل طريقة ويستثمرها بصورة حسنة في تقديم المادة اللغوية للمتعلم الأجنبية فيما يخدم أغراضه ويلبي حاجاته اللغوية والاجتماعية.

خاتمة:

         تعددت طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهي مستوحاة بطبيعة الحال من طرائق تعليم اللغات الأجنبية، ولم يكن لها طرائق خاصة بها، إلا أنّ هذه الطرائق جميعها نجد أنها كانت صالحة لتعليم اللغة العربية في زمن ما، ثم مع تغير حاجات المتعلمين فشلت في تحقيق حاجاته، ومن هنا يجب أن تكون طريقة التدريس المناسبة لتعليم اللغة العربية كالآتي:

– يجب أن تكون صالحة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها فقط أي أنه يتوجب أن تختلف عن طرائق تعليمها للناطقين بها.

– يجب أن تكون شاملة لكافة نشاطات اللغة.

– يجب أن تكون قادرة على تحقيق أهداف المتعلم ومراعية لظروفه وحاجاته

– يمكن للمعلم أن يستخدم عدة طرائق في الدرس الواحد وذلك حسب ما يقتضيه كل مقطع وكل عنصر من عناصر اللغة.

– وجوب امتلاك المعلم الكفاءة اللازمة التي تمكنه من القدرة على اختيار الطريقة المناسبة، ولا يتوجب عليه الولاء لطريقة واحدة.

– إن الطريقة المناسبة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها هي التي تولي اهتمامها بمهارات اللغة الأربع (استماع وتحدث وقراءة وكتابة) ذلك إن اكتساب اللغة يتطلب اكتساب هذه المهارات.

قائمة المصادر المراجع:

1-  عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي، أساسيات تعليم اللغة العربية، ط.1، معهد تعليم اللغة العربية، جامعة أم القرى، الرياض، 1422هـ.

2- عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي، طرائق تدريس اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، 1423هـ.

3- عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي، النظريات النفسية واللغوية وتعليم اللغة العربية، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1999.

4- العناتي وليد، اللسانيات التطبيقية وتعليم العربية لغير الناطقين بها، ط.1.

5- خالد محمود محمد حرفان، أحدث الاتجاهات في تعليم وتعلم اللغة العربية، دار النشر الدولي، الرياض، 2008.

6- رشدي أحمد طعيمة، المرجع في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، ، معهد اللغة العربية -جامعة أم القرى- مكة المكرمة، 1987.

7- عبد الخالق، تطوير أساليب تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ط.1.

8- علي أحمد مدكور، تدريس فنون اللغة العربية، مكتبة الفلاح، الكويت، 1984م.

9- علي الحديدي، مشكلة تعليم اللغة العربية لغير العرب، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1966.

10- علي حسين الليمي وسعاد عبد الكريم الوائلي،الطرائق العملية في تدريس اللغة العربية، دار الشروق، عمان، 2003م.

11- لطفي بوقربة، محاضرات في اللسانيات التطبيقية، جامعة بشار، معهد اللغة والأدب العربي، 2002، 2003م.

12- محمد إبراهيم الخطيب، طرائق تعليم اللغة العربية، مكتبة التوبة، الرياض، 2003م.

13- محمد علي الخولي، أساليب تدريس اللغة العربية، ط.3، الرياض، 1989م.

14- محمد غزت عبد الموجود وآخران، طرق تدريس اللغة العربية والعلوم الدينية، دار الثقافة، القاهرة، 1981م.

15- محمود كامل الناقة، تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، أسسه، مداخله، طرق تدريسه، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1985م.

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.