التعليم والسياسات التعليمية: التعليم.. التطور والتحديث وسريتهما

0 23

                  د. أسعد شريف الامارة

أستاذ جامعي باحث في علم النفس والصحة النفسية

يعد التعليم في كل دول العالم مؤشر التطور والتقدم في البلاد، فالدول العربية أسست التعليم على نهج وسياسة الدولة ورؤيتها السياسية وتمسكت بهامنذ تأسيسها ولحد الأن،  في حين أن البلدان في العالم الغربي ومنها اميركا وكندا واستراليا، وضعت سياساتها التعليمية على وفق ستراتيجيات بعيدة المدى، وأحدثت التطور والتحديث بشكل مستمر، بعيدًا عن الرئيس المنتخب أو رئيس الوزراء الذي يقضي فترة محدودة في إدارة البلاد ويغادر، بينما السياسة التعليمية ثابتة في الدولة، ولأنها  أعتمدت على مراكز متخصصة تكاد تكون مخفية وغير معروفة للعامة، وبدأت هذه المراكز بتفعيل السياسات ومراجعتها على وفق التطور المعلن فضلا عن ما تستطيع الحصول عليه بشكل خفي، فالسياسات في التعليم الطبي والمجموعة الطبية ومستلزماتها وصناعة الأدوية عدت من خفايا الدول وأسرارها، فضلا عن السياسات العلمية الإقتصادية والبناء السوقي والبنوك وتحديثها التي أخذت السرية التامة أيضا، أما في ما يخص مناهج الهندسة والعلوم البحتة فكان التعتيم على البحوث والدراسات ونتائجها لا يوصف، ولم يعد متاح لعامة الناس إلا للباحثين بعد الحصول على الموافقات للاطلاع على جزء منها. وفي ما يخص الدراسات المتعلقة بمناهج الدراسة الابتدائية والثانوية والجامعية، فكانت غير معلنة إلا في ما يخص جزء منه للاعلام، فنجد تغيير المناهج بشكل مستمر، ووضع مناهج في المؤسسات الجامعية ويتم تطبيقها على المؤسسات الميدانية منها مؤسسات الخدمات الاجتماعية والبلدية والتخطيط،  ومتابعة برامج ذوي الاحتياجات الخاصة ومناهجهم، ومؤسسات العناية بكبار السن وأساليب متابعتهم، هذه المنظومة المتكاملة غير متاحة للاطلاع عليها للجميع أو للعامة. إن عالم صناعة الادوية وتطوير الصناعات الثقيلة، وإنتاج المعدات الصناعية  المتقدمة”  High Technology  ” ومدارس تأهيل العاملين فيها يخضع أيضا للسرية التامة، وشبه المستحيل الاطلاع عليه، لأن الدول المتقدمة هي في سباق دائم ومنافسة بشكل مستمر، لذا فالسرقات العلمية وبرامج التطوير والتحديث شائعة أن تم الحصول عليها،  مع إغراءات للعاملين في الانتقال إلى تلك الدول. أين دولنا العربية من هذا التطور، وهذا الجمود في المناهج  وقدمها وأساليب التدريس وطرائقه الحديثة، ونقل التعليم ونتائجه إلى التطبيق الميداني؟ هذه الطامة الكبرى في فشل سياسات التعليم في الدول العربية ودول العالم الثالث.  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.