الأثار القانونية عن التجوال في فترة الوباء د. شلال عواد العبيدي

0 18

الأثار القانونية عن التجوال في فترة الوباء

د. شلال عواد العبيدي

لا قيود على حُرية الإنسان في التنقُل من حيث المكان و الزمان حيث له التنقل أين يشاء و في أي وقت ، و لا يرد على هذا الحق سوى  استثناءات خاصة لبعض الأماكن أو في بعض الأوقات و ذلك طبعاً لأسباب تميلها الظروف و المصلحة العامة ، و الحق في التنقُل من حُقوق الإنسان الثابتة دولياً و تُقره الاتفاقية و الإعلانات و المواثيق الدولية و الدساتير .

وقد يَصبح تنقُل الإنسان من مكان إلى آخر، و اختلاطه مع بقية الأفراد سبباً في نقل العدوى إليهم، بل يمكن أن يكون تنقله هذا سبباً لانتشار فيروس و معنى ذلك انتشار وباء. و لخطورة هذا الأمر تَشرع الدول إلى تنظيم قوانينها و أوامرها أثناء الأزمات التي قد تكون بسبب وباء إلى تنظيم حالة منع التجول ( الحظر المنزلي ) و تضع عقوبات على من يَخرق هذا الحذر ، و بعض الدول تشرع هذه القوانين و التعليمات بصورة مسبقة في أوقات لا يوجد فيها أزمات .

و الدول قد ضمنت قوانينها الجزائية جريمة قيام شخص بنقل فايروس أو نشر وباء يؤثر على المجتمع أو البيئة جريمة بحد ذاته و ووضعت لها عقوبات خاصة ، و أمر مثل هذا الفعل من اختصاص القانون الجزائي لما يمثله من اعتداء مع وجود الإرادة للقيام بهذا الفعل ، فمن تقصد نشر فيروس أو وباء و أتم فعله كاملا ، يعد مجرما و الفعل الذي ارتكبه جريمة تامة ، لتوفر أركانها ، الركن المعنوي ، و الركن المادي و الركن الشرعي ، وهذا الركن الأخير المقصود به علم الجاني بأنه فعل مجرم و يُحرمه القانون و يُعد خطر و يشكل جريمة . و من الممكن لهذ الشخص أن يَشرع في عمله هذا و لكن لم يتممه أو يصل إلى النتيجة في أن يخيب فعله دون إرادته فيكون بذلك شارع في الجريمة ا يان جريمته الشروع في نشر فيروس أو وباء .

الحال يختلف عندما يكون هناك أصلاً وباء ، و هذا هو ما نقصده في هذا المقال ، حيثُ يكون البلد قد اعلن حظر التجوال و بين خطورة التنقل و الاختلاط و حذر من أن خروج الأشخاص و اختلاطهم قد يسبب نقل الفيروس اليهم أو انهم هم من ينقل الفيروس خصوصاً و إن الفيروس لا تظهر أعراضه إلى فتره متأخرة ، وبذلك يمكن لشخص واحد أن ينقل الفيروس إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص ، وهذا التنبيه الذي أعلنته الدولة وإعلامها جعل المواطن على علم بأن تصرفه قد يكون سبب في إحداث نتيجة جرمية سواء أرادها أن تحصل أم لا ، و فضلا عن ذلك فهو قد خرق حظر التجوال التي منعته القوانين أو الأوامر و التعليمات بحسب الحال .

فاذا خرج شخص و هو يعرف انه مصاب بالفيروس و تسبب بإصابة شخص أو أشخاص ، فهنا يكون قد ارتكب جريمة و يخضع للقانون الجزائي و ليس لقانون أو تعليمات و أوامر خلية الأزمة في منع التجوال فقط ، لأنه قد ارتكب جريمة تامة و متكاملة الأركان الركن المادي والمعنوي و الشرعي ، أما خروجه و تجواله لم يصب أحد و كان عالماً بانه مصاب فنكون أمام شروع في ارتكاب الجريمة لتخلف فقد حصول النتيجة .

أما إذا خرج و اختلط و هو لا يعلم انه حامل للفيروس و نتج عن فعله هذا إصابة شخص أو أشخاص فانه يعد مرتكب للجريمة أيضاً ، لان علمه بانه ممكن أن يكون حامل الفيروس موجود و هو مفترض في كل شخص و هذا ما أبلغت به الدولة و هو سبب منع التجوال أصلاً ، وكذلك بالنسبة للإرادة فإن قبوله بالمجازفة رغم علمه بخطورة الأمر يعد قبولاً لنتائجها .

أما في حالة كون الشخص غير حامل للفيروس و خرج و تجول ، فإن ذلك يعد مخالفة لقوانين و تعليمات و أوامر خلية الأزمة ، حيثُ إن الفارق بين القانون الجزائي هو قانون يحدد الجرائم و يبين أركانها و يضع لكل فعل يُجرمه عقاب و هو قانون ثابت و سابق على حدوث الأزمات و يختص بتنفيذه المحاكم و القضاء ، أما تعليمات و أوامر خلية الأزمة أو السُلطة الإدارية ، فهذه تشرع أو تنظم لمعالجة الأزمة حصراً ، وتقوم بتنفيذها السلطات الإدارية وتضع عقوبات على المخالفات التي تحدث عن خرق التعليمات و الأوامر المذكورة ، لكن لا تصل إلى حد المحاسبة على الجرائم ، لان ذلك حصراً من اختصاص القضاء .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.